تشكل جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان – رحمه الله – رافداً معرفياً كبيراً لأبناء المجتمع كما أنها تجسد وبعمق الشراكة المجتمعية الفاعلة ، وهذه الجائزة التي لا تعد طويلة العمر نسبياً إلا أنها استطاعت أن تلفت الأنظار إليها لإسهاماتها الإنسانية المتعددة فالجائزة اشتقت لنفسها طرقا متنوعة في التشجيع حيث شرعت المجال لمتعددي المواهب في إبراز مواهبهم في المجالات الإبداعية المختلفة كالفن التشكيلي أو الأدبي بشتى أنواعه سواء مجال القصة أو المقالة أو الإلقاء أو كتابة الشعر أو النثر وغيرها من ضروب الأدب ، وقد أضحت الجائزة أنموذجا يحتذى ولعل مما يحسب لهذه الجائزة ويؤكد فرادتها توجهها لفئة مجتمعية لم يفطن لها الكثير ألا وهي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين حرموا من بعض النعم كالعوق البصري أو السمعي أو الفكري وغيره . الجائزة وخلال سنوات انطلاقتها الميمونة ساهمت في عرض وإبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة سواء الفنية والفلكلورية والتراثية وشجعتهم على تطوير أداوتهم الفنية في مجال الفن التشكيلي او في تنمية مواهبهم في الإلقاء أو الشعر وتقدم الجائزة الجوائز للمشاركين بالأعمال المتميزة وتعطيهم حافزاً أقوى للمشاركة ويبقى الهدف الأساسي هو دمج المعوق مع مختلف قطاعات المجتمع ليصبح عضواً فعالاً في المجتمع . معلمو الفائزين : الجائزة رافد معرفي كبير وأضحت أنموذجا تربويا يحتذى بين مؤسساتنا المختلفة فكرة إقامة الجائزة لعدد من المناشط كالمعرض أو مسابقة التحفيظ للقرآن أو المناشط الفنية والإبداعية الأخرى كالإلقاء أو الرسم أو التقليد أو غيرها جيدة ويشكر كل القائمين عليها إذ أنها كشفت حقيقة هامة أن المعاق أيا كانت إعاقته ليس أقل شأناً من بقية أفراد المجتمع وأنه جزء من نسيج هذا المجتمع وأن المعوق بإمكانه أن يثبت ذاته ويحقق ما يصبو إليه وذلك بتشجيعه والوقوف إلى جانبه. وجاءت جائزة الشيخ محمد بن صالح لتتحسس عوالم هذه الفئة وتزيل ركام الإهمال الذي تعيشه من قبل المجتمع لتؤكد وبإصرار جميل أن عالم ذوي الاحتياجات الخاصة عالم كبير بقدر ما هو مليء بالألم هو مليء بالإبداع. في حوار ( الرياض ) مع عدد من الفائزين بجائزة الشيخ محمد بن صالح وكذلك بعض معلميهم اقتربنا من عوالمهم وأكدوا جميعاً فاعلية هذه الجائزة وأهميتها في التحفيز والكشف عن القدرات الكامنة لهذه الفئة حيث يقول الأستاذ فايز محمد يحيى معلم الفائز بهذه الجائزة الطالب شاكر بلقاسم حمزة الشهري يدرس في الصف الثاني المتوسط بمتوسطة ابن القيم بمحايل عسير الذي فاز عن فئة مسابقة القرآن الكريم لحفظه ثلاثة أجزاء حيث قال : الطالب شاكر يعاني من إعاقة بصرية لكنها لم تمنعه من التفوق والتميز وكان لمثابرته وإصراره على تجاوز ظرفه هذا الفضل بعد الله في التميز وهو يمارس حياته بشكل طبيعي جدا أما عن الجائزة فيقول المعلم فايز: الجائزة لا شك كانت داعما رائعاً لهذا الطالب وغيره وقد أتاحت لهم إبراز قدراتهم ومواهبهم التي منحهم الله إياها كما أنها كانت تجربة جميلة تؤكد أن دمج هذه الفئة في المجتمع مفيدة إلى حد كبير وتكسر عزلتهم التي فرضتها عليهم إعاقتهم وعن الطالب شاكر قال: إن من أميز ما يتمتع به هذا الطالب هو القدرة على الحفظ كونه يعتمد على قدرته في السماع ثم الاستظهار. وتمنى المعلم فايز أن تستمر مثل هذا الجائزة التي تدعم هذه الفئة الغالية في مجتمعنا ليعطوا أفضل ما لديهم وليكشفوا عن قدرات لم تتح ظروفهم الجسدية أو الفكرية إظهارها . أما الطالب عبدالله سالم عبدالرحمن باحفص يدرس بالصف الثالث متوسط بمعهد التربية الفكرية بجدة والذي يعاني من إعاقة حركية وفكرية والفائز بجائزة الإلقاء فقال : أعيش ظرف اجتماعي صعب وكان هذا الظرف قاسي وكاد أن يفرض علي عزلة خطيرة قد تؤذيني وتحطمني إلا أن ثقتي في الله ثم في قدرتي ويقيني بأن الموهبة الفطرية استعداد طبيعي لدى الإنسان ويولد وهو مزود بها وليس له دخل في وجودها كالذكاء وغيرها من المواهب والقدرات الكامنة لديه ولكن تنمو وتتطور بالتعلم وهذا ما دعاني لاستثمار التي وهبني الله إياها وهي موهبة الإلقاء التي نميتها من خلال متابعتي للقنوات الدعوية التي كنت ولا زلت أتابعها بشغف وكانت جائزة الشيخ محمد بن صالح فرصة ثمينة وغالية اعتز بها إذ أتاحت لي إبراز شيء مما وهبني الله إياه والحمد لله تقدمت لهذه الجائزة وفزت بجائزة الإلقاء التي اعتبرها أمرا عظيما بالنسبة لي ولأسرتي التي رأت في فوزي تفوقا وتميزا لا يقل عن أي شخص سليم وأتمنى من القائمين على هذه الجائزة استمرارها لأنها بالفعل جائزة عظيمة من أناس نفخر بوجودهم في مجتمعنا إذ أتاحوا لمن هم في مثل وضعي أن ينافسوا ويفوزوا ويتذوقوا طعم الفوز والنجاح. من جهته يقول الطالب محمد عماش العنزي الطالب بالسادس الابتدائي يدرس في الصف السادس ابتدائي بمدرسة تحفيظ القرآن بالمجمعة والفائز بجائزة حفظ القرآن الكريم باعتباره كفيف البصر يقول: الجائزة أثبتت أن ليس كل طفل معاق جسديا معاقا عقليا. فكم من شخص شلت قدماه ووصل بقدراته العقلية وبقوة الإرادة والإصرار لأعلى مراتب النجاح والتقدم وهذا ما جسدته هذه الجائزة التي أظهرت اهتماما رائعا بكتاب الله وبحفظته من الطلاب وأتمنى أن تستمر هذه الجائزة في دعمها لنا من ذوي الاحتياجات الخاصة واشكرهم واشكر جميع القائمين عليها هذا التوجه النبيل والرائع الذي يثبت أننا مجتمع يشد بعضه بعضا كالبنيان المرصوص . أما الأستاذ بخيت الزهراني معلم الطالب عبدالله سالم باحفص فيرى أن الجائزة كشفت عن مبدعين من المعاقين الذين قدموا أعمالاً متميزة بمعان عميقة تمتد مساحتها في المدى الإنساني الأوسع, واستطاعوا من خلالها أن يثبتوا أنفسهم متحدين إعاقتهم بصبر وإرادة صلبة كي لاتقف حائلاً بينهم وبين تحقيق نجاحهم. الطالب عبدالاله علي حسين يدرس في الصف الخامس ابتدائي بمعهد النور للمكفوفين بالرياض والفائز في مسابقة الشعر قال إن من ضمن أهداف هذه الجائزة كما رأيت هو الأخذ بيد من هم في مثل ظرفي ورفع معنوياتهم ومستواهم الفني بإتاحة الفرصة من خلال مسابقة شمولية متنوعة في مختلف فنون الأدب ومنها الشعر الذي فزت بجائزته وارى أنها خطوة رائعة جدا اشكرهم عليها. أما الطالب زياد مثقال الشمري يدرس في الصف السادس ابتدائي بمدرسة الوليد بن عبدالملك بحائل فيعتبر أن الجائزة كانت فرصة جميلة ومواتية لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة وإلهاب الحماس بينهم في نهاية هذا الحوار مع الفائزين بهذه الجائزة خرجنا بحقيقة هامة وهي وجوب أن تتضافر الجهود لتغيير الصورة السلبية عن المعوق فصحيح أن الإعاقة الجسدية مؤلمة ولكن المؤلم أكثر إعاقة العقل والمشاعر والأحاسيس فهذه الأعمال التي أبرزتها جائزة الشيخ محمد بن صالح استطاعت أن تبين أن هؤلاء المعوقين إعاقتهم لاتكمن فيهم بل في النظرة الخاطئة إليهم فالمعوق – أحيانا - يصطدم بعقلية أهله ومجتمعه وهي عقلية الإعاقة وتتبعها نظرة الشفقة والعطف بدلا من أن نغرس فيهم الثقة والطموح والأمل ونتعامل معهم بوعي ونؤمن لهم الرعاية والعناية كما تسعى إلى ترسيخه هذه الجائزة.