قالت شركة جدوى للاستثمار ان التأثير المباشر لتباطؤ النمو في منطقة اليورو على صادرات المملكة سيكون ضئيلا كما ان ضعف اليورو سيساعد على خفض معدلات التضخم. واوضحت في تقرير عن ازمة اليورو وتداعياتها على السعودية ان القطاع المصرفي لم يتأثر كثيرا بالاحداث العالمية ، ولا تزال التوقعات بحدوث انتعاش في الاقراض من البنوك قائمة خلال الفترة المتبقية من العام لكن الحصول على تمويل من البنوك الاجنبية سيصبح على الارجح اكثر صعوبة. وحسب التقرير فقد ولجت الأسواق العالمية مرحلة من التذبذب العنيف حيث أدت تداعيات مشاكل الديون في منطقة اليورو إلى رفع حدة المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي مما تسبب في تغير مفاجئ في المزاج الاستثماري. وتحول انتباه الأسواق إلى عوامل أخرى مثل السياسة الجديدة للحكومة الصينية الرامية إلى إبطاء النمو وارتفاع درجة المخاطر السياسية في كوريا الجنوبية وتايلاند، رغم أن البيانات الاقتصادية الجديدة الصادرة من مختلف أرجاء العالم تشير إلى ان التعافي الاقتصادي آخذ في ترسيخ اقدامه. وحسب التقرير فان التطورات الراهنة بعيدة كل البعد عن التهديد الحقيقي الذي شكلته الأزمة المالية على الاقتصاد العالمي التي انطلقت عقب انهيار عدد من المؤسسات المالية الضخمة وتوجها انهيار مصرف ليمان براذرز في سبتمبر من عام 2008. وعلى المدى القصير سيغلب على حركة اليورو طابع التذبذب وسوف تتحكم فيها الحالة المزاجية للمستثمرين، أما على المدى الطويل فهناك عوامل كثيرة تشير إلى تراجع في قيمة اليورو. ورغم حدة تراجع أسعار النفط حالياً إلا انها تظل أقرب إلى المستوى الذي وصفه وزير النفط السعودي «بالسعر المثالي» البالغ 75 دولاراً للبرميل مقارنة بمستواها في أوائل الشهر، ونعتقد أنه من المستبعد تراجع أسعار النفط إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل لفترة طويلة. ولا يعتبر الرأي الذي يرجح تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي لاحقاً هذا العام عندما تلجأ الحكومات لسحب الدعم بالأمر الجديد وتم سلفاً أخذه في الاعتبار في تقديراتنا. لذا نتوقع أن يرتفع النمو الاقتصادي في السعودية وأن تعود ميزانية الدولة لتحقيق فوائض وأن يسجل مؤشر تاسي قيمة عادلة تبلغ 7.400 نقطة بنهاية العام. ويعتبر التأثير المباشر لتباطؤ النمو في منطقة اليورو على صادرات المملكة ضئيلاً كما أن ضعف اليورو سيساعد على خفض معدلات التضخم نال تدهور أسعار النفط والأسهم من ثقة المستثمر ومن شأن استمرار تدهور تلك الأسعار إعاقة النمو وقد يحدو بنا ذلك في النهاية إلى خفض توقعاتنا. ولم يتأثر القطاع المصرفي السعودي كثيراً بالأحداث العالمية ولانزال نتوقع حدوث انتعاش في الإقراض من البنوك المحلية خلال الفترة المتبقية من العام. لكن الحصول على تمويل من البنوك الأجنبية سيصبح على الأرجح أكثر صعوبة. ويؤكد التقرير ان الوضع الحالي للازمة ليست بتكرار لتجربة الأزمة المالية العالمية وقد أدخلت الأحداث الأخيرة انتعاش الاقتصاد العالمي في اختبار قاس ومن الجلي أن بامكانها تقويض الزخم الذي تحقق خلال الفترة الماضية. لكن الأحداث لاتزال بعيدة كل البعد عن أن تشكل تهديداً جدياً للاقتصاد العالمي بمستوى الخطر الذي شكلته الأزمة المالية التي اندلعت بسبب انهيار العديد من المؤسسات المالية الضخمة والتي بلغت ذروتها بانهيار بنك ليمان براذرز في سبتمبر 2008. ولا مرية أن ردة الفعل الأولى فيما يتعلق ببعض المتغيرات التي تعتبر الأهم بالنسبة للمملكة كانت أكثر حدة من الأزمة السابقة، حيث هبط مؤشر تاسي خلال ثلاثة أسابيع منذ نهاية ابريل الماضي بنسبة 16.1 بالمائة كما هبط سعر النفط (خام غرب تكساس) بنسبة 24 بالمائة بينما لم يتعد تراجع تاسي خلال الأسابيع الثلاثة الأولى التي اعقبت انهيار ليمان براذرز ما نسبته 3.9 بالمائة وانخفض سعر النفط بنسبة 1.7 بالمائة فقط. أما على المستوى العالمي فقد كان التأثير أقل بكثير، حيث نجد أن الفترة التي اعقبت انهيار ليمان مباشرة شهدت اضطرار البنوك المركزية عبر العالم إلى ضخ سيولة ضخمة في الأسواق كما شهدت عمليات لإنقاذ أو تأميم العديد من المؤسسات المالية الكبيرة. وقد بلغت قيمة الحزم المالية العديدة التي خصصت لدعم وتحفيز القطاع المالي في الولاياتالمتحدة وحدها عدة تريليونات من الدولارات ونفذت العديد من الدول الأخرى برامج انفاق حكومي ضخمة. في المقابل، لم تلجأ أي دولة حتى الآن إلى تخصيص دعم لنظامها المالي أو الاقتصادي خارج منطقة اليورو. ويتمثل الفرق الأساسي بين الحالتين في أن الميزانيات العامة للبنوك في الوقت الحالي تعتبر في وضع أكثر راحة مما كانت عليه في سبتمبر 2008 كما أن البنوك المركزية تعتبر في وضع أفضل للتعاطي مع أية مشكلة، حيث شهدت الفترة التي اعقبت انهيار ليمان جمود أسواق المال وتوقف القروض بين البنوك ناهيك عن طالبي القروض في القطاع الخاص وهي ليست الحال خلال الأزمة الراهنة. ويعتبر الفرق بين سعر اليبور (سعر الفائدة ما بين بنوك لندن) لمدة ثلاثة أشهر وسعر المبادلة اليومي المرجح لثلاثة أشهر أحد المقاييس الرئيسية للضغوط في القطاع المالي ومستوى تخوف البنوك من إقراض بعضها، حيث لا يتجاوز هذا الفرق حالياً 30 نقطة أساس مقارنة بأكثر من 350 نقطة أساس في أوج أزمة سبتمبر 2008. كذلك لاتزال مؤشرات المخاطر المالية الأخرى مثل فروقات السندات ومبادلة العقود الائتمانية تقل كثيراً عن المستويات التي شهدتها خلال فترة ما بعد انهيار ليمان، باستثناء المؤشرات لدى دول الاتحاد الأوروبي المتأثرة مباشرة بأزمة الديون. إن الأحداث التي تشهدها منطقة اليورو هي في الواقع فصل جديد من التداعيات التي خلفتها الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية وليست ببوادر أزمة جديدة. وتنحصر القضية في جوهرها في أن ديون القطاع الخاص المتمثلة في قروض الرهن العقاري الكبيرة على الأفراد ومديونية البنوك المفرطة خلال الأزمة السابقة قد حل محلها مستويات مرتفعة من الانفاق الحكومي والمديونية السيادية بهدف منع حدوث ركود عالمي بعد انهيار ليمان.