منذ أن بدأت (الرياض) تقدم الخدمة الالكترونية عبر النت وأنا أتابع المقالات والأحداث ، ولا أتركها حتى أكون قد قرأت تعليقات القراء ، هذه التعليقات هي النبض الحقيقي، هي المؤشر ، وهي التي تعطينا الحقيقة بلا قناع .. وبعضها يستحق أن يكون استطرادا للمقال أو الحدث . نبض القراء هو نبض الشارع الحقيقي ، حيث يمتزج القارئ العادي بالمثقف ، والقارئ المتخصص بالقارئ العادي . هذا النبض الذي يحسه لو تابعه أساتذة الجامعة المعنيون بالرأي العام وقياسه من جهة والمعنيون بالعلاقات الاجتماعية والتغير الاجتماعي من جهة أخرى ..لوجدوا أنه مصدر معلومات جيد ، وهو عبارة عن عينات عشوائية قدمت رأيها طوعا ، وهو رأي نقي بلا مؤثرات ، وهو رأي صادق ، هو لا يخشى شيئا فلا طرد من الوظيفة ولا سطوة قوي ، والمراقب الخفي يستطيع أن يحذف ما لايتواءم مع الذوق العام . بعض التعليقات تستحق أن نقف عندها ونبتسم لها ، وهي تعليقات ذكية .. وتتعلق بالصميم ، ولو انتقلت من الموقع للصحيفة الورقية لجعلت أغلب من لا يتعاملون مع الانترنت يسعدون ببعضها . بعض كتاب التعليقات يستحقون أن يتصدروا الكثير من الصحف .. لست هنا أجاملهم ولا أنافقهم فلا حاجة لهم بذلك ولا حاجة لي أيضا ، إنما حقيقة كل ما في الأمر أننا الكتاب كانت لنا فرصة أكبر أو أننا اصلا حرصنا على المواجهة مع الجمهور والناس ، بينما أولئك الذين يتابعون وينقدون ويسجلون النبض الحقيقي اختاروا الخلفية الحقيقية للصورة مكبرة أحيانا ، ومظلمة أحيانا أخرى .. وهزلية في أحيان كثيرة لكن في مجملها ، هي متابعة للحدث او المقال .. نبض القراء هو الذي يجعل للكتابة طعما ولتجاوبهم ونقدهم مؤشرا ومصدرا للقلق أحيانا وللشك أحيانا والشك هو الطريق للبحث والتقصي ، وهو الذي يضعنا في المواجهة مع ما ينقصنا من المعارف ، ومع ما يجب أن نبذل حتى نصل للقناعة التي لن ندركها ، وقد يدركنا الموت قبلها ، وهي قناعة الاكتفاء بما نعرف .. وهؤلاء القراء يدفعون بنا للبحث عن المزيد .. نبض القراء هو المختبر الذي وجدنا أنفسنا فيه ، حيث تصب علينا إما عبارات الاستحسان أو عبارات السخط وربما عبارات تصل للتهجم ، هذه التي يتركها الرجل الذي يسمح بمرور الكثير ويترك ما يراه غير ملائم .. ومع كل ذلك نراه مشجعا لنا للمزيد من البحث والدراسة ، والخوف من المواجهة في كل مرة، عن نفسي أشعر بعد كل مقال أنني أواجه نقادا كثرا أذكياء متابعين ، عندما نذهب لإلقاء محاضرة أو ندوة نعرف نوع الجمهور جيدا ، نتوقع الأسئلة والمداخلات ، لكن جمهورا عريضا من القراء والمتابعين يجعلنا في كل مرة ندخل اختبار لياقة أدبية وفكرية ومع أعداد كبيرة من الحكام والمصنفين لا نراهم ولا ندري كيف مزاجهم ولا خلفياتهم .... حقا إن ذلك ليس قياساً للرأي العام لكنه ايضا قياس للكتاب وردود الفعل حول ما يكتبون ..