سألني أحدهم، بعد أحداث المطر، أكيد ستكتب قصة تتحدث عن الأمطار والسيول التي هطلت على الرياض، قلت وماذا أكتب، هل أكتب تقريراً إخبارياً، أو تحقيقاً صحفياً، الصورة أبلغ في هذا الوقت، وبكل تأكيد مئات الصور الحية بثت عبر التلفزيون، ومئات الصور الفوتوغرافية التي التقطتها الكاميرات الرقمية الحديثة وكمرات الجوال، نشرتها جميع المواقع عبر الإنترنت، وماذا نكتب بعد ذلك، هل نتحدث عن المطر، مصدر الخير، أم السيل مصدر الرعب، لا نريد أن نشوّه صورة المطر الجميلة، بمجرد أن الكائن البشري لم يأبه للطبيعة ويعرف أن ذاكرتها لا تتغير، ثمة وادي لماء المطر لابد أن يمر من خلاله، بنيت بيوت وطرقات وجسور لتكون طريقاً للناس ولم يأبه أحد بطريق المطر، فلابد أن يغضب، ويجرف كل من يقف بطريقه، نحن نعيش في صحراء، ولكن ثمة مطر وأودية، والمطر يأتي حين يأمره الله عز وجل، وابن الصحراء و ابن الجبال أيضاً يرى أن المطر مصدر خير، والعرب الأوائل ينظرون إلى المطر كمصدر للخصب والنماء ، و لو عدنا إلى الأسماء العربية، نجد مطراً وغيث و هتان وغيرها من أسماء المطر المختلفة، وبكل تأكيد من يترنم بأغنية ألا يا صبا نجد للشاعر العربي القديم ابن الدمينة الخثعمي، سيردد قوله " سقى الله نجداً والمقيم بأرضها.. سحاب غواد خاليات من الرعد"، ليبق المطر بصورته الجميلة، وبمتعته الخاصة، و لكن لابد من أن نفهم لغة المطر، لابد أن نفسح له مكاناً لكي يعبر، سيأتي ويذهب بعد ذلك بهدوء، وسنجد على جانبي الطرق في الأماكن التي لم تطالها الأرصفة ولا الإسفلت، شتلات خضراء، أليس هذا جميل، وحتى في الصحراء وبعد أن يمسح وجهها المطر، ألا تتجمل، ألا تخضر الأرض وتنبت الزهور، نحن نحب المطر، بل نعشقه، لأنه يأتي على فترات متباعدة، وعندما يأتي في الوسم نعرف أن خيراً سيكون ، ربما ستقولون نعرف ذلك، ولكن ما حدث في الرياض وبعد موجة مطر لم تتجاوز الساعة، تحولت أكثر الطرق إلى بحيرات، ربما فهمت ما تريدونه، المطر لا ذنب له، ولكن.. دعوني أقول بدلاً من الفساد و.. ، نحن لم نفهم الطبيعة، وعلى رأسها المطر، لنفكر بالطبيعة أولاً ثم نعمل ما نريد لنعيش بسلام.