بعد التصريح الذي ساوى فيه الشيخ عبدالله بن زايد بين الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية وبين الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في فلسطين ولبنان وسورية، وصفت الخارجية الإيرانية التصريحات الإماراتية ب"غير المتزنة" وقالت إن "تكرار مثل هذه التصريحات من المؤكد أن يؤدي إلى رد فعل شديد من الشعب الإيراني". بعد ذلك شنت إيران حملة غير مسبوقة ضد الإمارات لدرجة أن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية وصفت السياسة الإماراتية بأنها "أشبه ما تكون بسياسة عدْو الضبع خلف الأسد، عسى أن يحصل على حصة من الصيد، فمثل هذه الأماني بضائع موتى، فلا أسد في المنطقة غير ذلك الرابض على الساحل المقابل لدولة الإمارات، الحارس الأمين لعرينه، الخليج الفارسي". وعندما لم تفلح تلك الحملة الفجة في إخافة الوزير الذي كرر قناعته بوجهة نظره، قامت الخارجية الإيرانية باستدعاء القائم بالأعمال الإماراتي في طهران للإعراب عن احتجاجها وللتحذير من مغبة تلك التصريحات "غير المسؤولة". أما آخر الأعاجيب فهو عزم مجموعة من الإعلاميين الإيرانيين جمع تواقيع 9 ملايين إيراني لاستعادة ما أسموه "محافظة جلفاوه" إلى الوطن الأم إيران. حيث ادعوا أن الإمارات بأكملها كانت تشكل إحدى المحافظات الإيرانية حتى عام 1971 عندما احتلها الانجليز. اقتراح جمع التواقيع هذا جميل. غير انه يعاني من خلل واحد هو أن جمع التواقيع يجب أن يكون لأصحاب الشأن وليس لغيرهم. فمثلا، لمَ لا تجمع تواقيع سكان ما أسموها جلفاوة لنعرف كيف يصنفون أنفسهم وأرضهم، هل يعتبرون أنفسهم جلفاويين وأرضهم فارسية أم يرون أنهم عرب أقحاح وأرضهم إماراتية؟ ثم لنجمع تواقيع السكان الأصليين في الجزر المحتلة لنرى كيف يصنفون أنفسهم ولمن يريدون أن تكون تبعيتهم له؟ ثم لنستكمل المهمة بجمع تواقيع الاحوازيين والبلوش لنرى كيف يصنفون أنفسهم؟ سنرضى بسياسة التواقيع هذه رغم سابقة سرقة أصوات ملايين الإيرانيين في الانتخابات الرئاسية الماضية. السياسة الإيرانية تثبت بان إيران لم تستطع مغادرة المربع الأول من ثورتها. فإيران، بكل ما فيها من هياكل تنظيمية وسياسية وتعليمية، ما برحت في الموقع ذاته الذي تركهم فيه من قاد ثورتهم. ما يعزينا أن مشكلتنا مع النظام الإيراني أهون بكثير من مشكلة الإيرانيين أنفسهم مع نظامهم. إذ يبدو أن على الشعب الإيراني دفع ثمن دموي للتخلص من ربقة ثورة لم يسمح المستفيدون منها ولا مراكز القوى فيها لبلادهم أن تتحول إلى دولة.