هل تغيرت طبيعة المجتمع السعودي؟ ما الذي حصل في السنوات العشر الأخيرة؟ ماذا جرى في نفوس الناس وأحاسيسهم ومشاعرهم؟ هل تبدلت الظروف والمفاهيم أم تغيرت النفوس والطبائع؟ ولماذا تغيرت؟ أسئلة كثيرة تدور في خاطري ولم أجد إجابة دقيقة لتلك التساؤلات. فالمتتبع لما يجري في أوساط مجتمعنا العربي السعودي في السنوات الأخيرة يلاحظ أن هناك - للأسف- تحولاً واختلافاً جوهرياًً طرأ على سلوك وثقافة المجتمع. ثقافة العدائية والكراهية هي السائدة في أوساط المجتمع، والقلوب تحولت من قلوب صافية إلى قلوب فاترة، وتلاشى الاحترام والتقدير والعطف بين أفراد المجتمع.. والناس – ولا أعمم ذلك – أصبحت نفوسها "شينة" وعواطفها مشحونة بالاضغان، وأخلاقها ضيقة النطاق قابلة للانفجار في أي لحظة، وعلاقاتها مادية، وتعاملاتها قاسية غير رقيقة، وأراؤهم إن اختلفت أفسدت للود قضايا، ناهيك عن الأمراض الجديدة التي انتشرت في المجتمع من فتور العلاقات وتباعد القلوب والقطيعة والحقد والأنانية وانعدام الثقة والاهتمام بالمنفعة الشخصية دون النظر إلى المصلحة العامة. طبعاً لم أقصد من هذا الكلام تعرية المجتمع وجلد الذات بل هي محاولة لمواجهة الواقع بكل مسؤولية وشفافية وصراحة. دعونا نتلمس الجرح ونناقش الأسباب لنشخص الداء ومن ثم نصف الدواء، فهل للتقلبات الاقتصادية الصعبة تأثير على طبيعة وشخصية المجتمع مثل انهيار سوق الأسهم وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار العقار وقلة الرواتب والبطالة وندرة الوظائف وعدم تكافؤ الفرص..أم أن للضغوطات الاجتماعية تأثيراً على أوضاع المجتمع مثل الكبت الاجتماعي وعدم الوعي بالحقوق والواجبات وتقديم الواسطة على حساب الكفاءة والاستخدام الخاطئ للحرية وانحسار طبقة كبار السن المتمسكة بالعادات والتقاليد التي كانت سائدة في أيامهم أم بسبب البعد عن الدين أو نتيجة لعوامل ثقافية وايدولوجية. من المعلوم أن المجتمع السعودي ظل لعقود زمنية طويلة مجتمع فطري يتسم بالعديد من الخصال الجميلة والصفات الحميدة من النخوة والطيبة والشهامة والكرم وحب الخير ومساعدة الآخرين، أما في هذه الأيام فالمجتمع كما ذكرت يشهد وبشكل ملحوظ حالة من التأزم تزداد معاناته يوماً بعد يوم، ويبدو انه منهك بأعباء وهموم نفسية واجتماعية ومعيشية قاسية أرهقته وأبعدته عن صفاته ومبادئه وقيمه النبيلة. الموضوع بحاجة إلى وقفة جادة منا جميعاً قبل أن نتفكك أكثر وتنهار علاقاتنا وتتوقف عواطفنا، فهذه أمور إن تفاقمت أعراضها ومضاعفاتها ولم يتم تداركها وإعادة تصحيحها داخل النفوس ستترك مستقبلاً آثاراً سيئة ونتائج خطيرة وتكون سبباً لمختلف المآسي والأزمات النفسية والفكرية والجسدية، ومن ثم عدم القدرة على استيعابها والتخلص معها. في الختام، هذه دعوة للتجانس والتفاهم والتواد والتراحم حتى نبقى كالبنيان المرصوص ونستطيع أن ننهض بأعباء ومشاكل وضغوط الحياة ونسعد بتعايش سلمي واحترام متبادل وحياة كريمة هانئة.