** أعرف أن الموت حق.. ** وأن الإنسان مهما عاش في هذه الحياة.. فإنه لابد وان يغادرها في يوم من الأيام.. ** وأن العمر بيد الله.. أولاً وأخيراً.. ** ومع كل هذا.. فقد صعقني خبر وفاة (إباء) ابن الأخ والصديق الشيخ عبدالمقصود خوجة يوم الجمعة الماضي.. ** فقد كان يعيش أحلى .. وأزهى فترات العمر.. ** شاباً لم يتجاوز بعد التاسعة والعشرين من العمر.. ** كله حيوية..وصحة.. ووعي.. وأدب.. واحترام للناس.. وحركة لاتتوقف ولا تنقطع.. ** صعقت لأنه لايوجد إنسان يعرف هذا الشاب.. إلا وكان يتوقع له مستقبلاً حافلاً بالتفوق.. والنجاح.. والتألق.. لما يتمتع به (رحمه الله) من ذكاء فطري نادر.. ومن توهج ذهني وقَّاد.. ومن حيوية تندر بين شباب هذا الزمن.. ** وصعقت لأن (إباء) وان كان شاباً في ريعان العمر.. الا انه كان يعيش بعقل الكبار.. بنضج الكبار.. بطموح الكبار.. وبتهذيب الكبار الكبار أيضا.. ** وصعقت لأن (إباء) كان يحلم بأن يقدم لبلده الكثير مما قدمه أبوه.. فهو مثله الأعلى على الدوام .. وكذلك جده، .. لمواصلة مسيرتهما العلمية.. والثقافية.. النابهة.. ** وصعقت .. لأن (إباء) لم يكن يخلد إلى الراحة.. أو يؤثر الدعة والسكون.. والاستمتاع بمباهج الحياة.. فقد كان يستعجل غده.. ويحاول ان يختصر زمنه.. ** كان (إباء) عجِلاً.. وكأنه كان يحس بأن العمر غير مضمون.. وان المستقبل لا يحترم من يعمل من أجله بتراخٍ .. وقصور.. ** وصعقت أيضاً.. ** لأن (إباء) يرحمه الله.. قد وضع قدميه – بقوة – في بداية طريق.. كان يعرف انه طويل.. وغير معبد.. وان الوصول إليه يحتاج إلى الكثير من المقومات الشخصية.. ومن العطاء المتواصل.. ومن التفكير الخلاق.. وكان يحاول ان يكون كذلك.. بإصرار الكبار.. وثقة الكبار.. ودأب الكبار.. ** وصعقت أخيراً.. ** لأن ذلك كله .. قد توقف فجأة.. قد انطفأ فجأة.. قد سكت فجأة.. مع توقف نبضات القلب.. ودون سابق انذار.. ** لقد كنت أنظر إلى وجهه بتفاؤل كبير وبحب أكبر.. كلما رأيته في بيت أبيه.. أو في المحافل والمنتديات الكبرى.. أو في مجالس الوجهاء.. وخيار الناس.. أو في الأماكن الخيرية.. وآخرها (مركز الملك عبدالله للأطفال المعوقين بجدة) حيث سعد به أطفال المركز.. وفرحوا بوجوده معهم.. وأكبر الجميع فيه لفتته الإنسانية تلك.. وتعاطفه مع كل عمل خيري.. وإنساني.. كهذا.. ** لكنني لم أكن أتوقع غيابه عن هذا العالم.. بمثل هذه السرعة.. وأنا الذي كنت أتوقع له مستقبلاً عريضاً.. هيأ له أبوه .. كافة أسباب التفوق والنجاح لتحقيقه.. ** غير أن مشيئة الله سبحانه وتعالى أرادت (لإباء) ان يتركنا.. ويترك وراءه لوعة (أب) |أحبَّ ابنه إلى درجة العشق.. ووقف إلى جانبه معتداً برجولته.. وذكائه.. وطموحاته.. وترسمه لخطواته.. ومحاكاته لكل حركاته وسكناته.. ** فيا أبا (إباء).. ** ياصاحب القلب الكبير.. ** ويا صاحب العقل الكبير.. ** يا أيها الرجل الإنسان.. بكل ما قدمت لوطنك.. وأمتك.. وعالمك.. ** ها أنت تقف اليوم أمام آلاف المحبين لك.. والمواسين في مصابك.. ومصابهم.. ** وبما عهدناه فيك من قوة الرجال.. ** ومن إيمان الموحدين .. والمؤمنين بقضاء الله وقدره.. ** نسأله تعالى أن يمدك ووالدته وإخوانه وأخواته بالصبر.. فلأنت الإنسان المؤمن بالله رباً.. وبالقضاء أجلاً وكتاباً.. وبالمصير المحتوم نهاية لكل من يعيش على هذه البسيطة.. ** لقد علمتنا كيف يكون الإنسان قوياً.. وكيف يكون صابراً.. وكيف يكون مسلّماً بقضائه وقدره.. وها قد جاء الوقت الذي تُعلَّمنا فيه أيضاً كيف يكون الإيمان بالله .. أقوى من الضعف الإنساني.. حتى وإن فقد الإنسان بعض نفسه.. بل كل نفسه.. كما هو فقدك.. وفقدنا (لإباء).. ** جمّلك الله ووالدته بالصبر.. ** وأسكنه فسيح جناته .. وأنزل عليه شآبيب رحمته وغفرانه.. ** وإنا لله وإنا إليه راجعون.. *** ضمير مستتر: **( الإنسان المؤمن.. تزيده المصائب إيماناً بالله.. وتسليماً بقضائه وقدره).