برغم الإيمان بأن الموت نهاية طريق كل حي، إلا أن العقل البشري يرفض في بعض الأوقات تصديق ذلك الأمر المحتوم، لقد كان الموت راحة لها من ذلك العذاب الذي دام يلحق بها، كانت ترقد على ذلك السرير الأبيض وتحيط بها الأجهزة من كل الاتجاهات ولم يكن بها موضع إلا به ثقب إبرة، وكم كانت صابرة وكأنها تعرف بأن لحظة موتها قريبة.. كم بكينا عليها، فبعد القوة تحولت إلى كائن ضعيف لا يستطيع الحركة ولا رفع رأسها مقيدة اليد، مسلوبة من كل شيء، الطعام والماء وحتى الكلام. كنت في كل مرة أراها في تلك الصورة يتقطع قلبي من الألم، وأذرف الدموع لرؤيتها وهي تحلم برشفة ماء.. ورحلت وهي تحلم بتلك الرشفة. لقد مرضت بصمت ورحلت بصمت.. رحلت من تحملت المتاعب وضحت بكل شيء في سببيل راحتنا.. رحلت من كانت لنا الأم والأب والأخ والصديق وعوضتنا عن كل شيء.. رحلت من قدمت لنا كل خير ولم نقدم لها غير الدموع.. رحلت.. رحلت أمي.. داعاً يا أمي..