وراء القضبان وخلف الأبواب المغلقة قلوب تئن وعيون تدمع حسرات وندماً. ذكريات الذل والتشرد وقصص الخوف والرعب في مستنقعات المخدرات. ذكريات الأهل والأقران. وخلف الظنون تسأل الضحية نفسها عن عواقب اتباع أقران السوء.. وعقوق الوالدين.. كم من روح تقول رب ارحمني.. فاعتبروا يا أولي الألباب.. سلسلة حوارات صحفية .. من وراء القضبان تنقلها لكم صفحة الأمانة العامة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات لمن وقعوا في دائرة الضياع وعالم المخدرات.وكان هذا الحوار .. كيف كانت بداية المشكلة ؟ البداية عندما كنت اعمل في احد القطاعات العسكرية الحدودية كونت وقتها علاقة مع مجموعة من الأصدقاء تعاطيت من خلال صداقتهم حبوب الكبتاجون وسجائر الحشيش والكحول إلى ان تم فصلي من العمل بعد إلقاء القبض علي بالجرم المشهود. * كم كانت مدة تعاطيك؟ ثلاثة عشر عاما وبعد فصلي اتجهت إلى الترويج من أجل الحصول على المادة بعد أن تعرفت على مجموعة من المروجين والمستخدمين (المتعاطين). * هل كان لديك مشاكل أسرية قبل التعاطي؟ نعم فنحن خمسة عشر شقيقاً وكان والدي شفاه الله قاسياً في تعامله معنا ،وكانت المشاجرات مع والدتي مستمرة حتى تم انفصالهما عن بعض قبل أعوام، وولدت هذه المشاجرات ضغوطا داخلية ونفسية على الأسرة بكاملها مما أدى إلى انحراف بعض أشقائي وخروجهم من المنزل. * ما هو انحراف أشقائك؟ انحراف سلوكي حيث اتجه اثنان منهم إلى التعاطي المخدرات حتى وصلوا درجة الإدمان وقد توفي احدهم بسبب ذلك والآخر مازال تحت العلاج وقد تم إحضاره من خارج المملكة عنوة بعد أن طلق زوجته ووصل مرحلة الاعتماد على إدمان المخدرات. * هل أنت متزوج؟ نعم وكان زواجي قبل دخولي السجن بأيام قليلة وما زالت على ذمتي حتى الآن وتسكن في شقة مع والدتي. * كم المدة التي قضيتها بالسجن حتى الآن؟ أربع سنوات وهي إن شاء الله درس من دروس الحياة القاسية التي غيرت طريق حياتي لما عشته من حياة بؤس أيام التعاطي والترويج، نعم لقد كنت تائهاً بصحراء المخدرات القاحلة والمليئة بالهموم والأحزان . * خلال هذه الفترة هل قام احد بزيارتك من الأهل والأصدقاء ؟ والدتي وأشقائي هم من قاموا بزيارتي ولأكثر من مرة وعن والدي فهو مصاب بجلطة قبل ست سنوات ولا يعي شيئاً، أما الأصدقاء حتى هذا اليوم لم اعرف عنهم شيئاً ولم يزورني منهم أحد. * ما هي المواقف التي مررت بها أثناء التعاطي؟ وفاة شقيقي جراء إدمان المخدرات وكذلك وفاة زميلي أثناء تناوله كمية من حبوب الشبح (الكبتاجون) أو ما يسمونه (بالمقزز) وهي مسميات ترويج بيننا. ولكن المخدرات كلها سموم مهما اختلف أسماؤها؟ هذا شي أكيد وأسأل مجرب، ولكن بعضها سُميتُه أكثر تركيزا وخاصة ما تروجه العمالة الوافدة. * وهل للعمالة دور في ترويج وتعاطيها؟ نعم وبنسبة كبيرة جداً، ويشهد على ذلك غليل وجمايكا والسلسبيل جميع مروجيها من العمالة وأؤكد لك أن غالبيتهم من المتخلفين يعني (شين وقوي عين). * ألم يكن لديك خلفية عن القصص والمآسي جراء التعاطي ؟ بلى وأطلعت على الكثير من المآسي من خلال النزلاء ومكتبة السجن. * هل للسجن دور في إصلاحك؟ بالتأكيد وأشكر العقيد أحمد الشهراني الذي له جهود في تعديل سلوكي وتشجيعي من خلال نصائحه الأخوية وحرصه على هدايتنا ورجوعنا لجادة الصواب. * وماهي البرامج التي استفدت منها داخل السجن؟ البرامج التي نتلقاها عديدة وشاملة دينية وإصلاحية وتربوية وكلها قيمة ومساعدة لمن أخلص النية بالتوبة وهناك برامج لو نفذت لكان أجمل. * ما هي البرامج التي تود تنفيذها داخل السجن ؟ الأندية الرياضية وإقامة دوري مصغر بين النزلاء وإحداث عيادات علاج داخلية عن إدمان المخدرات تتم فيها متابعة حالات متعاطي المخدرات أثناء محكوميتهم. * ما هي محطة الندم في حياتك ؟ تعاطي المخدرات وامتهان الترويج وبهما وصلت إلى السجن وفقد حريتي. * الم يؤنبك ضميرك وأنت تروج وتقضي على شباب برئ؟ يا أخي لو كان عندي ضمير وقتها لما تعاطيت والمروج هدفه الكسب المادي مهما كانت طريقته وجلب أكبر عدد من الضحايا للبيع عليهم مستقبلا. * لو اتيح لك الخروج اليوم ماذا ستفعل؟ أعطني بطاقة الخروج وأنا أخبرك وسيكون بإذن الله عكس ماكنت أفعل لأنها ستمنحني الحرية التي يحلم بها الكل وما أجملها فخلف القضبان عرفت معناها الحقيقي. * وهل من هواجس تنتظرك بعد الخروج؟ كلي هواجس، وأولها إعادة المياه لمجاريها الطبيعية مع زوجتي وأشقائي والبحث عن وظيفة ورعاية والدي المريض شفاه الله. * وماذا عن تقبل المجتمع لك بعد خروجك؟ متفائل بتقبلهم لي إن شاء الله لتفهمهم لنزوات الشباب ومراهقتهم وأرجو أن أحظى بنصائحهم وإرشادهم وتوجياتهم فالإنسان خطاء وخير الخطائين التوابون.