أذكر بقرار مجلس الوزراء الموقر يوم الاثنين 4 رجب 1429ه إنشاء مركز لقياس أداء الاجهزة الحكومية يرتبط مباشرة بمدير معهد الإدارة العامة وذلك كمرحلة اولى لقياس أداء تلك الأجهزة ، واستخراج مؤشرات أداء سنوية تعكس إنتاجها وأداءها، وتكون من مهمات المركز قياس معدلات الانتاج الحالية للاجهزة الحكومية، وقياس معدلات التغير في إنتاجها، وإجراء المقارنة بين أداء فروع الجهاز الحكومي الواحد من حيث الانتاج والفاعلية واعداد تقارير عن ذلك، ونظرا لأهمية هذا المركز فإنه سوف ينتقل في المرحلة الثانية من معهد الإدارة ويرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء باعتباره جهازا مستقلا بذاته . هذا القرار يمثل من وجهة نظري نقلة إدارية نوعية ، ويقدم بديلا علميا وعمليا بآلية واضحة للأساليب التقليدية السابقة ، وازدواجية الارتباط التنظيمي لعملية قياس الاداء وتوزيعها بين عدة جهات . لقد كانت الحاجة قائمة لبناء تنظيمي متفرع يسلط الضوء على أداء الاجهزة الحكومية وإنتاجيتها وفق أساليب علمية . وأتصور أن معهد الادارة هو المؤسسة المناسبة في البداية لاحتضان هذا المركز ووضع بنيته التنظيمية وما يرتبط بذلك من لوائح وأنظمة ومعايير ونماذج وإجراءات . سوف ينطلق المعهد من أهداف هذا المركز بوضع آليات التنفيذ التي تحقق تلك الاهداف ، وفي تصوري ان النتائج التي سيصل إليها المركز سوف تخدم نشاط الاستشارات في المعهد ، وتحقق الترابط العملي بين دور المعهد ودور الأجهزة الحكومية . ومن الاهداف التي أشار إليها القرار إجراء المقارنة بين أداء فروع الجهاز الحكومي الواحد من حيث الانتاج والفاعلية ، وهذا هدف مهم يحقق النظرة التكاملية والشمولية للاجهزة الحكومية كمنظومة إدارية تعمل وفق أسس مؤسساتية سواء في المركز أو في الفروع . ومن المهم كما هو معروف في التنظيم ان المنظمة الناجحة تنطلق من أسس تنظيمية واحدة ويتبع ذلك توحيد السياسات والانظمة مع مرونة في التنفيذ بما تقتضيه ظروف الفروع ، وبما لا يتعارض مع السياسات والأنظمة الموحدة . قلت إن قرار مجلس الوزراء يمثل نقلة إدارية لأنه يتفق مع المرحلة التنموية التي تمر بها المملكة ، ويعزز دور الادارة في تنفيذ مشاريع التنمية ويفعل دور معهد الإدارة في مسيرة التنمية الإدارية ليقوم بتشخيص الواقع الإداري ، والتعرف على جوانب القوة وجوانب الضعف تمهيدا لطرح أفكار إدارية وتنظيمية تخدم المرحلة الراهنة . إن تفعيل دور المعهد في التقييم والتطوير سوف يدعم توجهات المسؤولين في الاجهزة الحكومية نحو التطوير ، كما أن القرار بإنشاء مركز قياس الأداء يعزز مفهوم قياس الأداء ويتحدث عن الانتاج والفاعلية ، وبالتالي فلن تكون تقارير الإنجاز السنوي التي تعدها الأجهزة الحكومية هي المعيار الوحيد لقياس الأداء . لقد اقترحت في مقالة سابقة بعنوان "استشارات استباقية" أن يقوم معهد الادارة بدور تشخيصي في عملية تقييم الاداء، لأنه يستطيع بما لديه من خبرة وكفاءات تحقيق رؤية القيادة في تطوير أداء الأجهزة الحكومية. الآن جاء مركز قياس الأداء ليقوم بهذا الدور، وقد صدر قرار إنشائه قبل حوالي سنتين، فماذا تم فيه حتى الآن، وهل بدأ فعليا ممارسة مسؤولياته ؟