كشف مدير معهد الإدارة العامة الدكتور عبدالرحمن الشقاوي ل»الحياة» عن الانتهاء من إعداد مشروع لقياس أداء الأجهزة الحكومية بهدف تطوير وتحسين الأداء المؤسسي، إذ سيتم استخراج مؤشرات أداء سنوية تعكس الإنتاج والأداء الحالي، وإجراء مقارنة بين أداء فروع الجهاز الحكومي الواحد من حيث الإنتاج والفاعلية. وأكد مدير معهد الإدارة أن أبرز عقبات التنمية الإدارية في بلاده تتمثل في تقادم بعض الأنظمة والقوانين، ومشكلة اختيار وتوزيع الموارد البشرية بكفاءة، والافتقار إلى مراكز البحث والمعلومات التي تقدم دراسات معمقة وتحليل للأوضاع الإدارية. وأوضح الدكتور الشقاوي في حديث مع «الحياة» أن المعهد نفذ برامج تطويرية للقيادات الإدارية في الأجهزة الحكومية، شارك بها أكثر من 22 ألف مشارك بالتعاون مع المنظمات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أن مشاركة عشرات الآلاف من المديرين في هذه البرامج التطبيقية مؤشر واضح على قدرة هذه البرامج في تطوير أداء المديرين وتحسين أساليب تقديم الخدمات في أجهزتهم. وقال إن المعهد أعطى أولوية عند تصميم وتطوير برامجه الإعدادية الموجهة لخريجي الثانوية العامة للقطاعات التي تعاني من انخفاض نسبة العمالة الوطنية لديها بهدف الإسراع في عملية السعودة بتلك القطاعات مثل البنوك والتأمين والحاسب الآلي وإدارة الأعمال والفندقة، وإدارة الموارد البشرية، والسكرتارية، كما حرص المعهد في تصميمه لتلك البرامج على المشاركة الفعالة لمؤسسات القطاع الخاص. وفيما يتعلق بانخفاض عدد المقبولين من خريجي الثانوية العامة في برامج المعهد قال الشقاوي»لا نستطيع تلبية أكثر من 20 إلى 30 في المئة من الطلبات، ولذلك استمر المعهد في طلب اعتماد موازنات لافتتاح فروع جديدة في كل من المدينةالمنورة، عسير، القصيم، الجوف، تبوك وكذلك فروع نسائية في منطقتي مكةالمكرمة والمنطقة الشرقية». وفيما يأتي نص الحوار: يحتفل معهد الإدارة العامة هذا العام بمناسبة مرور خمسين عاماً على إنشائه برعاية خادم الحرمين الشريفين، ماذا تعني هذه المناسبة لكم في المعهد؟ - تتمثل أهمية هذه المناسبة في رعاية خادم الحرمين الشريفين ورائد الإصلاح الإداري لفعاليات الاحتفال، كما تعزز العلاقة بين المعهد والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية العاملة في مجالات التنمية الإدارية، وتسهم في نشر الفكر الإداري الحديث من خلال مشاركة عدد كبير من دور النشر المرموقة في معرض الكتاب الدولي المقام بهذه المناسبة ما يتيح الفرصة للمؤسسات التدريبية والتعليمية وللجامعات السعودية الاطلاع على أحدث الإصدارات في الإدارة والعلوم المتصلة بها، إضافة إلى مناقشة القضايا والمشكلات الإدارية المعاصرة وتبادل الخبرات بين المختصين والمهتمين بالتنظيم والإدارية المعاصرة من خلال نخبة من المتحدثين البارزين على المستوى الإقليمي والدولي، إضافة إلى تعزيز التواصل مع الزملاء الذين عملوا في المعهد سابقاً وتكريم من أسهم منهم في عدد من إنجازات المعهد في مراحل تطوره المختلفة، وفاء وتقديراً لجهودهم. ويمثل المؤتمر الدولي للتنمية الإدارية: نحو أداء مميز في القطاع الحكومي «تجسيداً لمشاركة المملكة الفاعلة في جهود التنمية الإدارية ليس على الصعيد المحلي، بل على الصعيد العالمي». كما يهدف إلى تعزيز ثقافة التميز في أداء القطاع الحكومي وتحسين تقديم الخدمات الحكومية، وإبراز دور قياس الأداء في تطوير الخدمات الحكومية لدعم جهود مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية الذي جاء إنشاؤه بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين ويحتضنه المعهد حالياً، إضافة إلى استعراض أبرز الأساليب الحديثة في تطوير المنظمات. بعد خمسين عاماً من عمر المعهد، كيف يمكننا تلخيص إنجازات المعهد في مجال التدريب؟ - ربما يصعب تلخيص إنجازات منشأة تعليمية وتدريبية بعمر الخمسين، ولكن قد تساعد الأرقام في الاختصار والإيجاز، ففي مجال التدريب، درب المعهد أكثر من نصف مليون متدرب خلال مسيرته التنموية، منهم 400 ألف في البرامج التدريبية باستخدام أحدث الأساليب التدريبية والتعليمية، وبالاستفادة من الإمكانات المتوافرة في بيئة تدريبية فاعلة، بمن فيهم الآلاف من أبناء الدول العربية الشقيقة الذين أكد نظام المعهد عند تأسيسه على قبولهم، إذ درج على تقديم منح تدريبية سنوياً لموظفي الخدمة المدنية في الدول العربية إسهاماً في التنمية الإدارية في الوطن العربي. أما البرامج الإعدادية فتخرج منها ما يربو على 26 ألف دارس ودارسة. كما قدم المعهد عبر مسيرته أكثر من ألفي استشارة تنظيمية وإجرائية لم تقتصر على الأجهزة الحكومية في المملكة، إذ قدّم عشرات الاستشارات للدول والمنظمات العربية والإسلامية. كما أنجز نحو 400 عمل علمي (ما بين بحث وتأليف وترجمة) مثلما قدّم مجلة «الإدارة العامة»، لنشر الفكر الإداري والبحوث والدراسات والمقالات في مجال الإدارة والعلوم ذات الصلة، حتى أصبحت من أبرز الدوريات العلمية المحكمة في الوطن العربي على مدى نصف قرن تقريباً من الصدور المنتظم كل ثلاثة أشهر. احتفل المعهد الأسبوع الماضي بيوم الخريج والوظيفة... ما مدى استفادة المتدربين والمتدربات من يوم الخريج والوظيفة؟ - يتعامل المعهد مع «يوم الخريج والوظيفة» على أنه أكثر من مجرد حفلة تخريج للطلاب، إذ يقيم المعهد كل عام معرضاً للتوظيف، لإتاحة الفرصة للتواصل بين الخريجين والمنشآت الوطنية الراغبة في تقديم عروضها الوظيفية، وهو ما يسهم في توظيف أكبر قدر ممكن من خريجي المعهد. وفي السياق نفسه، شجع يوم الخريج والوظيفة الشركات والمؤسسات على التنافس للفوز بجائزة التوظيف، التي أسسها المعهد لتكريم الشركات التي توظف أكبر عدد من خريجي المعهد، وهذا ينعكس إيجاباً على الخريجين من ناحية التوظيف، إننا نحتفل بيوم الخريج والوظيفة كمناسبة مهمة لتكريم خريجي المعهد والتعريف بهم وبتخصصاتهم، وتقديمهم بشكل مهني إلى سوق العمل. لماذا يرتفع الطلب على خريجي المعهد من الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص؟ - أنشأ معهد الإدارة العامة «إدارة برامج القطاع الأهلي» بهدف تنفيذ برامج تستهدف وظائف القطاع الخاص، إذ أسهمت في تخريج ما يربو على خمسة آلاف خريج وخريجة. وأعطى المعهد عند تصميم وتطوير برامجه الإعدادية الأولوية لتلك القطاعات التي تعاني من انخفاض نسبة العمالة الوطنية لديها، بغية الإسراع في عملية السعودة في تلك القطاعات مثل: البنوك والتأمين والحاسب الآلي وإدارة الأعمال وفروعها، عمليات التأمين، العمليات الفندقية، المحاسبة التجارية، إدارة المواد، إدارة الموارد البشرية، والسكرتارية، كما حرص المعهد في تصميمه لتلك البرامج على المشاركة الفعالة لمؤسسات القطاع الخاص في المملكة في عملية التصميم لضمان تلبية هذه البرامج للحاجات التدريبية لدى هذه المؤسسات، وانطلاقاً من الحاجات الفعلية لسوق العمل، كما يشرك المعهد المتخصصين المميزين من القطاع الخاص – إضافة إلى أعضاء هيئة التدريب في المعهد – في عمليات التدريب، ابتداء من مرحلة تحديد الحاجات التدريبية، مروراً بمراحل تصميم البرامج، ومن ثم المشاركة في تقديم بعض المواد التخصصية وإبداء الرأي في مدى ملاءمة المعارف والمهارات التي تحتويها مواد البرامج. وكذلك حرص المعهد عند تصميم برامجه الإعدادية الموجهة للقطاع الخاص أن تبنى على دراسات ميدانية للوقوف على الحاجات التدريبية للشركات والمؤسسات الأهلية الفعلية في مجال الوظائف الإدارية. تم السماح للمعهد أخيراً بتقديم خدماته في مقابل مادي سواء الدورات أم الاستشارات إلى أين وصلتم بهذا المشروع؟ - قياساً إلى حداثة التجربة وحجم الطلب على خدمات مركز الأعمال، نعتقد بأن المعهد نجح في تقديم هذه الخدمات والبرامج، إذ يتم تنفيذ البرامج بالجودة نفسها ووفقاً للمعايير التي يتبعها المعهد في تنفيذ نشاطاته. ومعهد الإدارة العامة بدأ في تقديم خدماته للجهات غير الحكومية وللجهات الحكومية في بعض الحالات في مقابل مادي تطبيقاً لنظام المعهد الصادر عام 1426ه، الذي يسمح للمعهد بتقديم الخدمات التدريبية والاستشارية والبحثية وأية خدمة علمية أخرى لتشمل القطاع الأهلي، إضافة إلى القطاع الحكومي، إذ أنشأ المعهد مركزاً للأعمال لتقديم هذه الخدمات في مقابل مادي وفقاً لضوابط محددة يضعها مجلس الإدارة. والمركز بدأ فعلياً بمزاولة أنشطته في العام التدريبي 1428- 1429ه والتي تتضمن نشاطات التدريب، الاستشارات، البحوث والدراسات، خدمات المرافق، والخدمات الفنية. وهو نفذ عدداً من البرامج الإعدادية لصالح شركة الاتصالات السعودية وصندوق تنمية الموارد البشرية، كما نفذ مركز الأعمال مجموعة من البرامج التدريبية (القدرة الواحدة) لصالح وزارة التربية وغيرها من الجهات الأخرى. كيف تقيم الحلقات التطبيقية المقدمة للقيادات الإدارية في الأجهزة الحكومية، وأثرها على تنمية مهارات تحسين الأداء وتقديم الخدمات؟ - يقدم المعهد برامج تطوير القيادات الإدارية من خلال الحلقات التطبيقية والتي شارك فيها أكثر من 22 ألف مشارك منذ بدء تنفيذ الحلقات التطبيقية في المعهد. ويتم تنفيذ بعض هذه الحلقات بالتعاون مع المنظمات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، كما يستخدم المعهد نظام التدريب عن بعد باستخدام شبكته المتكاملة والمربوطة بشبكة البنك الدولي والشبكات العالمية، ما مكن المعهد من تنفيذ الحلقات التطبيقية عن طريق النقل الحي في بث تفاعلي يتيح للخبراء والمشاركين إمكان الحوار والنقاش المباشر. كما ينظم المعهد الندوات واللقاءات العلمية لتزويد المتخصصين بالجديد في المجالات الإدارية وإتاحة الفرصة لتبادل الآراء والخبرات، ومناقشة المشكلات التي تواجهها، وإيجاد الحلول المناسبة لها، وشارك في الندوات واللقاءات العلمية أكثر من 32 ألف مشارك. ونعتقد بأن مشاركة عشرات الآلاف من المديرين في هذه البرامج التطبيقية مؤشر واضح على قدرة هذه البرامج في تطوير أداء المديرين، وتحسين أساليب تقديم الخدمات، كما أن التقويمات المستمرة لآراء المشاركين تدل على رضاهم عن مستوى التدريب واكتسابهم لمعارف ومهارات أساسية في مجالات أعمالهم. من وجهة نظركم ما أبرز عقبات التنمية الإدارية في السعودية؟ وما دور المعهد في القضاء على البيروقراطية في الأجهزة الحكومية؟ - يصعب في هذا المجال تحديد عقبات التنمية الإدارية، ولكن يمكن القول بأن مشكلات التنظيمات الإدارية ومشكلات الموارد البشرية وعملية اختيارها وتطويرها وتوزيعها بفاعلية، وكذلك تقادم بعض الأنظمة والقوانين، والافتقار إلى مراكز البحث والمعلومات التي تقدم دراسات معمقة وتحليل للأوضاع الإدارية هي أبرز عقبات التنمية الإدارية. ومما لا شك فيه أن حكومة المملكة العربية السعودية عملت – ولا زالت تعمل – على تحديد هذه المشكلات ومعالجتها من خلال العديد من الإجراءات العملية، التي كان لمعهد الإدارة الشرف بالمساهمة في العديد منها. وعلى سبيل المثال، إطلاق مشروع التنظيم الإداري للأجهزة الحكومية من خلال إنشاء اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري برئاسة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ويهدف المشروع لتطوير الجهاز الحكومي وتحديثه بإعادة الهيكلة الإدارية لمؤسسات الدولة، وتطوير الأنظمة واللوائح المالية والوظيفية ورفع مستوى أجهزة الرقابة والمساءلة الإدارية، ودراسة مدى تناسب التنظيمات الإدارية للأجهزة الحكومية مع المهام الموكلة لها. وفي إطار دعم جهود الإصلاح والتطوير الإداري، وبإشراف الأمانة العامة للجنة الوزارية للتنظيم الإداري في معهد الإدارة العامة تتم الدراسات الميدانية لأكبر مشروع تنظيمي شامل للأجهزة الحكومية، إذ عملت عشرات فرق العمل المكونة من خبراء ومستشاري المعهد بمشاركة ممثلي الأجهزة الحكومية المعنية على إعداد الدراسات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي، بهدف تطويره وتحديثه والارتقاء بمستوى أداءه وخفض تكاليفه المادية، ما أدى إلى إجراء العديد من التغييرات الهيكلية في الدولة كدمج وإحداث أجهزة جديدة وإلغاء بعضها. وبهدف تطوير وتحسين الأداء المؤسسي للأجهزة الحكومية، وافق مجلس الوزراء الموقر على إنشاء مركز لقياس أداء الأجهزة الحكومية، يرتبط مباشرة بالمدير العام للمعهد، ويتولي قياس أداء الأجهزة الحكومية ومعدلات التغيير في إنتاجها، واستخراج مؤشرات أداء سنوية تعكس إنتاجها وأدائها. كما يقيس المركز معدلات الإنتاج الحالية للأجهزة الحكومية وإجراء المقارنة بين أداء فروع الجهاز الحكومي الواحد من حيث الإنتاج والفاعلية وإعداد تقارير بذلك.