وصف الكاتب الأستاذ أحمد الواصل تجربة جبران خليل جبران، بمثابة حجر الزاوية لقصيدة النثر، مشيرا إلى أن جبران صاحب إسهام في تدوين قصيدة النثر، رغم ما سبقه من محاولات، عطفا على ما استثمره جبران، مما حاول تسميته (أشعار منثورة) ما جعله ينتج نصا في شكل جديد، يستعمل اللغة بشكل مغاير مختلف، وما أعقب تجربة جبران من تجارب شعرية ممن كتبوا أجناسا أخرى من الشعر العمودي والتفعيلة والمرسل. ومضى الواصل في حديثه مستعرضا تاريخ قصيدة النثر في مشهدنا المحلي، مقسما مراحل نمو هذا اللون الشعري، إلى خمس مراحل شهدت وعاصرت كثيرا من التحولات في مشهدنا المحلي، عطفا على عدد من المستويات، التي يأتي في مقدمتها البعد الاجتماعي، ونمو هذه القصيدة من جانب، وتجارب أصحابها ووعيهم بأدواتهم الشعرية من جانب آخر، مشيرا إلى أن البدايات تعود ما بين العشرينيات والثلاثينيات، والتي تمثلت فيما نشر آنذاك من كتب ككتاب (وحي الصحراء) إضافة إلى ديوان محمد حسن عواد، مشيرا إلى أن التقسيم مرده تسلسل نشر قصائد النثر في مشهدنا المحلي، وما صاحبه من إنتاج دواوين شعرية لهذه القصيدة. أما المرحلة الثانية لهذا اللون الشعري، فقد جعلها الواصل تبدأ من الستينات، معرجا ما تميزت به هذه المرحلة من جدل واختلاف حول هذا اللون الشعري.. وصولا إلى المرحلة الثالثة التي أعادها الواصل إلى مطلع السبعينيات التي ظهر خلالها عدد من الدواوين، كفوزية أبو خالد، ومحمد عبيد الحربي، كمرحلة رابعة مستعرضا قصيدة النثر في المرحلة الخامسة عبر التسعينات، وما واكبها خلال هذه الفترة التي جاء من أبرز ملامحها نشرها خارج مشهدنا المحلي. وقال الواصل: شهدت قصيدة النثر أزمة هوية، إلى جانب معايشتها إعادة كثير من المفاهيم، إضافة إلى ما تميز به شعراؤها الشباب من تعدد المحاولات الكتابية في عدة فنون أدبية، وتحولات آخرين بين الشعر والسرد، مشيرا إلى ما تميزت به تجارب الشباب في هذا الجانب من ممارسات أدبية كونت لهم بعداً إيجابيا في التعاطي مع قصيدة النثر، والشعور بالوحشة. ومضى الواصل مستعرضا ما تميزت به ملامح تجربة قصيدة النثر عند جيل الشباب فيما بعد التسعينيات، واصفا تلك الممارسات الشعرية بالمحاولات الجادة لتعريف الهوية، والبوح عن التعبير الداخلي، وأغوار الذات بأساليب مختلفة، إلى جانب ما تميزت به من استثمار وسائل الإعلام والنشر، إضافة إلى ما كتب من قصائد نثر لشعراء ليسوا ممن عرفوا بهذا اللون الشعري، مشيرا إلى ما تميزت به هذه التجارب من الصورة المعاصرة، ومواصلة النشر عبر المواقع الإلكترونية، والاستمرار في النشر خارج مشهدنا المحلي، وما صاحب هذا اللون الشعري من استسهال في كتابتها، عطفا على ما يحدث من استسهال لكتابة الأنواع الشعرية الأخرى من عمودي وتفعيلة ومرسل. واختتم الواصل حديثه بعدة قراءات لعدد من النماذج الشعرية لقصيدة النثر، عند عدد من الشعراء والشاعرات الشباب، مستهلا عرضه بنص (التحولات) لشريف بقنة من ديوانه (مدن العزلة) ومنه إلى قصيدة للشاعرة ميادة زعزوع، من ديوانها (وأتوه في رجل شرقي) وصولا إلى نموذج لمحمد الماجد. جاء ذلك خلال الأمسية التي أقامها نادي الرياض الأدبي الثقافي، ليلة البارحة، التي قدمها الأستاذ عبدالمحسن الحقيل، والشاعرة هدى الدغفق، بمشاركة عبدالله عبدالعزيز العثمان، الذي ألقى مجموعة من نصوصه من مجموعته الشعرية الأولى، التي جاء منها: البنت الوحيدة، المزحة، أحرق كل أشيائي، عزاء، قدر.. تلاه الشاعرة نوير العتيبي، بقراءة جملة من نصوصها الشعرية التي استهلتها بنص: أوسمة، تبادل، ظلال، حكاية واحدة، وعشقتها غصبا، صباح الخير يا عرب، زمن الأنثى يحتضر، نسخ: - أنت بنت!! لا أعلم أبعاد العبارة ولا حدود معنى المصطلحات.. وما كنت أملك وقتا لأعيرها اهتمامي كانت ترمي على مسمعي بحزم فأتوارى خلف جدار يعرف كل الحكاية.. مرت السنوات.. وكل لحظة أنسى.. وأمارس الجري بصحبة الذكور وفي غمرة اللعب يهز سمعي يا بنت فأهرع حيث الجدار أو باب صار قفاه مسكنا لي أعتدت الهروب حيث معاكسة الصوت دون اصطحاب العبارة.. ثم قدم الشاعر محمد الحميد، عدة نصوص جاء منها: أراهم، مع ورق الشاي.. الذي أعقبه جملة من المداخلات، التي تناولت السمات التي تشكل ملامح قصيدة النثر عند جيل الشباب، إلى جانب مراحل تقسيم قصيدة النثر، إلى جانب اللغة والنضج، وتهم الغموض، والتلقي، والإطار الفني لقصيدة النثر محليا وعلاقتها بالجانب الفني العربي لهذا اللون الشعري.. إضافة إلى واقع المصطلح لهذا اللون الشعري، وواقع الشكل والمضمون، وما يكتنف قصيدة النثر من غموض أمام التلقي حول التصنيف من جانب، وحول قالب القصيدة وتداخلها بالقصة أو المشاركون في الأمسية الخاطرة عند مجموعة من الشعراء الذين يكتبون هذا اللون الشعري، إضافة إلى الهم الذي تحمله هذه القصيدة على مستوى الذات الشاعرة، وعلى مستوى القضايا الاجتماعية، إضافة إلى واقع قصيدة النثر بين منبر الإلقاء والقراءة.