تستطيع المرأة العادية أن تباشر أعمال تنظيف البيت ، وطبخ الطعام ، والحديث في الهاتف مع صاحبتها ، ومتابعة أحداث مسلسل تلفزيوني ، وإطعام طفلها ، كل هذا في وقت واحد بكل إتقان دون إخلال أو تقصير، وهذا مالايستطيع الرجل العادي فعله !!.. بل وتستطيع المرأة العادية في جلسة واحدة ، حتى ولو كانت قصيرة ، ان تتحدث في عدة مواضيع متفرقة ، وتتنقل بينها بسرعة فائقة بكل دقة وحرفنة ، فتستطيع في مكالمة تلفونية مدتها خمس دقائق مع صاحبتها أن تخبرها عن طريقة عمل الكعك ، وعن لون فستان تخطط لشرائه ، وعن حضور حفل زفاف في نهاية الاسبوع ، وعن أحداث مسلسل خليجي تتابعه ، وعن مشكلة وقعت لها في عملها ، وعن سوء تفاهم قد وقع بينها وبين أخت زوجها ، وعن مستوى الاطفال في المدرسة ، كل هذا التنقل السريع يتم بأسلوب سلس ومفهوم دون أي جهد ذهني أو اعتصار للذاكرة ، وهذا أيضا مالايستطيعه الرجل العادي ..!! . في المقابل نجد الرجل هو صاحب ( المهمة الواحدة )، مهمة لا يمكن ان يباشر غيرها حتى ينتهي منها ، فعقله كجهاز كمبيوتر قديم ذي معالج واحد فقط ، يتوقف عن العمل عندما تعطي له أمرين في وقت واحد ، فعندما يتصل الرجل هاتفيا بأحد فهو في مهمة ثقيلة تشغله عن جميع الامور التي من حوله ، وعندما يتصفح الرجل جريدة الصباح فهو خاشع في محراب العلم يؤذيه زن البعوضة ويزعجه حفيف الأشجار، ولعل الرجل هو من اخترع المثل القائل (أكل العنب حبة حبة) كنوع من الحجة والتبرير لهاتيك الصفة الفطرية عنده ، و(مكلف الأشياء فوق طباعها) ، و(متطلب في الماء جذوة نار) ، و(طالب المستحيل ظالماً لنفسه قبل كل شيء) ..!. هذا الاختلاف في عمل العقلين ، جدير بالملاحظة والتفكير والفهم ، فنحن نتحدث عن اختلاف في اصل الخلقة ، وعن خصائص متمايزة بين الجنسين تبرر الدوافع السلوكية المرفوضة لدى الطرف الآخر لأنها غير مفهومة عنده ولا مبررة .. ولكن عندما يتفهم الطرفان هذا التمايز والخصائص سيقل عندها اللوم والعتاب ووقوع المشاكل والفهم الخاطئ، ( والصلح خير )..!!. عندما تأتي المرأة الى زوجها وهو منهمك في إصلاح جهاز الجوال ، او ترتيب أوراقه ، او تنظيف سيارته ، أو مشاهدة مباراة كرة قدم ، ثم تجلس عنده وتبدأ في إخباره عن مشاكل حقيقية في تصرفات الاطفال ، أو عن مستواهم الدراسي المتدني، و تريد من زوجها أن يهتم لما تقوله ، أو يصغي لها ، أو حتى يرد عليها أو يعلق بكلمة ، فهي تطلب مستحيلا لأنها نسيت هنا أنها تتعامل مع كائن ذي ( مهمة واحدة ) فقط في الوقت الواحد ..!!. ولعل هذا مايفسر القدرات الابداعية للرجال عندما يتفرغون لمهمة معينة حتى ولو كانت هذه المهمة أقرب الى اختصاص المرأة ، فمثلا الطباخ المحترف يتفوق في طبخه على المرأة ، والنحات البارع يتفوق على المرأة ، والرسام المبدع يتفوق على المرأة ، والشاعر المفوه يتفوق على المرأة ، والمهندس المبدع يتفوق على المرأة ، والسبب هنا القدرة الفائقة على التركيز وطرد المشغلات الأخرى، وترتيب الاولويات دون تداخل ، إضافة الى القوة والجلد الرجالي في تحصيل الامور، بينما انشغلت المرأة بالحنان والعطف والرحمة والصبر . مقالي هنا ليس في مدح الرجال أو رفع منزلتهم ، فتلك مسألة محسومة ( وللرجال عليهن درجة )، مقالي يتحدث عن أهمية فهم طبيعة الطرف الآخر ومعرفة خصائصه الفكرية والنفسية ، فالفهم هنا يساعد على ردم هوة الخلاف ، والتعايش دون اصطدام أو تكليف للنفوس فوق طاقتها. وعلى دروب الخير نلتقي ..