الشعر ضرورة آه ليتني أعرف, لماذا هو ضرورة؟ بهذا التساؤل الإبداعي كتب المبدع ارنست فيشر كتابه الهام جدا "ضرورة الفن" قبل أكثر من 50 عاما, في المملكة عرفنا أن الشعر ضرورة ولكن ما زلنا نتساءل لماذا هو ضرورة؟. الشعراء السعوديون المشاركون في برنامج شاعر المليون هم الضرورة, او صوت الابداع الذي يعرفنا أننا نتحرك نحو الأمام, أما لماذا الفن يعد ضرورة؟ فمازلنا حائرين لم نجتهد بعد للوصول الى الاجابة الفعلية عليه, بسبب ارتباك الانسان الذي يريد ان يصنع لحظة التغيير بتعبيرات كثيرة تنم عن الحذر والتردد, فغابت أو غيبت عن وعي المجتمع مساحات الضرورة من حياتنا ,فأصبحنا أصواتاً تنطق إبداعا بلا فضاء او أرض تستوعب خطوة الفن الجميل. حصة هلال وأخواتها الجميلات بإبداعهن ووقارهن لفتت لهن الانظار والافكار لتواصلهن المبدع مع منابر الابداع كمنافسات في ساحات الشعر بالشعر وتشجيع من الأهل والقبيلة والوطن, كم هي صادقة ونقية تلك الصورة التي وضعت الزوج والاب والاخ في مراكزهم الرئيسية كمساندين للفكرة المتجاوزة في الابداع والتحدي لكل عائق وهمي صُنع لرفض الحاضر وإنكار الماضي وتعطيل المستقبل, رائعات هن البدويات المحميات بأفراد القبيلة ليخلقن من حكايات العادات والتقاليد صورة منافسة في انتمائها لكل فعل جديد عجز عن إيجاده أصحاب الافكار المتحفظة على منافعها وليس على القيم و الأخلاق. بدوية في الصحراء تتعامل مع كل فعل حضاري من قيادة السيارة الى رسم كل أشكال التحدي في العلم والادب وبكل لغات الكون وتقنياته, احتفظت بالنقاب والجمل لتخبرنا عن هويتها الاصيلة, وزاحمت الانداد لتعلن عن حضورها بكل مكان لا يضيق بوجودها كصاحبة روح وعقل تدفع الخطا في دروب الحضارة الواقعية, لتضيق مساحات التباعد بينها وبين كل من يحاول ان ينفي وجودها بخطاب متهالك لا ينتمي الى ماضي ولا حاضر وليس له زمان او وجود الا في أذهان من أراده ان يكون تاريخا تقاس عليه المستجدات, ولم يخطر في باله ان تطل عليه الريمية من فوق جملها وبصحبة أشقائها لتفضح حقيقة تاريخها الوهمي, وتغني بصوت الماضي لتنبه أهل الحاضر عن مخاطر المستقبل. كان بالامس القريب قد تفاخر بعض الكتاب بنجاح معرض الكتاب وعددوا عناوين الكتب الجريئة في جنسها ورمزها وبصوت حداء النساء اللاتي مررن بين يافطاته الثقافية, وما نريده اليوم وليس امس, ان يكون لدينا منابر أدبية تحكي بحق عن حقيقة وجودنا الادبي والانساني, وتُحمى من الحرق حتى لا نكون مجرد أصوات موجودة في المكان البعيد كحاجات استهلاكية بيد كل من أراد أن يتاجر بوجودنا، ويقدم أصوات مبدعاتنا بوسائل الاعلام العالمية كمكسب حضاري يحسب له كصاحب منبر رائد في فكرته وتنفيذه. ونحن نعلم انه لولا حضورنا النسائي لأصبح منبره حلبة منافسة رجالية خالية من علامات الإبهار والدهشة , والتي ضمنت بدروها هذا الحضور العالمي لمتابعة هذا الاستثناء بسبب حضور المبدعات السعوديات كحالات فريدة ليس في المملكة فحسب ولكن في كل المنطقة. نحن أصحاب فعل حضاري وتراثي لنا وجود في كل مساحات الدنيا , ونأمل ان لا تضيق مساحاتنا بنا التي تجعل من حضورنا داخل حدودنا ضوءاً يجذب لنا وليس علينا كل من أراد أن يستثمر وجودنا كحاجات استهلاكية نحن زبائنها ومنتجوها, وبالمساحة نستطيع أن نعرف لماذا هو الشعر ضرورة؟ أقصد بالمرأة فقط نعرف المساحة وحدودها الحضارية وأبعادها القديمة.