رهاف قصاص طالبة سعودية تدرس في الجامعة العالمية الإسلامية بماليزيا؛ التقينا بها في أحد الأنشطة الاجتماعية التي يقيمها المتحف الوطني، حيث عرفنا أنها اختارت المتحف الوطني بالمملكة لتتلقى تدريبها العملي في مجال ترميم الآثار أثناء فترة زيارتها للمملكة، ولأن تخصصها يندر وجوده بين الفتيات بشكل عام والسعوديات بشكل خاص كان لنا معها هذا الحوار لنتعرف أكثر على هذا الفن ومجال تطبيقه. معالجة الآثار وترميمها * ماذا يعني ترميم الآثار وكيف يمكن الحفاظ على قيمتها؟. ترميم الآثار قسم متخصص من مجال الفنون التطبيقية والتصميم ويعني ترميم الآثار معالجتها كيمائياً وميكانيكياً للحفاظ عليها أطول فترة ممكنة مع الحرص على عدم فقد القطعة قيمتها التاريخية وشكلها الفني الذي وجدت عليه بالأصل، وهو تخصص دقيق ويتطلب مهارة وصبر لأن العمل على القطعة الواحدة قد يستغرق مالا يقل عن أسابيع أو عدة أشهر حسب حالة القطعة وحجمها وقد يتطلب ترميم بعض القطع النادرة سنوات من العمل كما أن الترميم لا يقتصر على المهارة الفنية فحسب بل يحتاج إلى معرفة متخصصة في مجال العلوم الطبيعية حيث يتعين على المرمم معرفة مدى توافق المواد المستخدمة في الترميم مع القطعة الأثرية والكيماويات المستخدمة أيضا في إزالة التلف الحاصل على الأثر. * ما سبب التحاقك بهذا القسم وهل من صعوبات واجهتك؟. أحب الفنون بشكل عام وفي الكلية أكثر من مسار لتخصصات فنية مختلفة، ووجدت نفسي بعد السنة التحضيرية أميل إلى الأعمال الفنية اليدوية، وتلفت نظري التحف القديمة والآثارالتاريخية لذا وجدت أن هذا التخصص يتوافق مع ميولي. ولا شك أن هناك صعوبات تواجه كل إنسان سواء في دراسته وعمله أو حتى حياته العامة ومن العقبات والصعوبات التي واجهتها هي عدم تقبل الناس للتخصص كتخصص محترم، وأواجه كثيرا من السخرية والغالبية يعتقدون انه مثل عمل عمال ترميم البناء أو عمال النظافة، للأسف لا يوجد من يقدر مثل هذا التخصص إلا ما ندر ولعل السبب يعود إلى ثقافة المجتمع نفسه وغياب الوعي بأهمية الآثار وطرق المحافظة عليها. اختيار المتحف الوطني * لماذا اخترت المتحف الوطني في المملكة بالرغم من إقامتك ودراستك في ماليزيا؟. صحيح أنه كان بوسعي أن أتلقى التدريب العملي في أي من متاحف ماليزيا كما كان متاحا لي أن أذهب إلى أي بلد آخر وأتلقى التدريب في متاحفه، ولكني فضلت المتحف الوطني بالمملكة لكي أتعرف على تراث بلدي وآثاره التاريخية، كما أن الشوق كان دافعاً آخر للزيارة فتركت أسرتي هناك حيث يعمل والدي في القنصلية السعودية بماليزيا وأتيت وحدي إلى الرياض. *حديثنا عن تجربتك خلال مدة تدريبك في المتحف؟. في البداية لم يكن لدي أي معلومة عن المتحف ومقتنياته وأقسامه وحقيقة لم أكن أتخيله بهذه الروعة، وكنت أحمل هم عدم السماح لي بفرصة التدريب في المتحف لأن ذلك كان يتطلب إجراءات معقدة ولكن يبدو أني من المحظوظات حيث وجدت ترحيبا وتعاونا من جميع المسئولين في المتحف الوطني، وعملت مع المرممين المختصين في المتحف على ترميم بعض القطع الأثرية، وتعتبر تجربتي غنية بالرغم من قصرها حيث لم تتجاوز الثلاثة أشهر فكمية المعلومات التي حصلت عليها وبيئة العمل المختلفة أتاحت لي خبرة جيدة حيث تعرفت على طرق وأساليب جديدة في الترميم حسب طقس ومناخ المملكة والمكان الأصلي المستخرج والموجود فيه الأثر. وأود بهذه المناسبة أن أشكر الدكتور عبد الله المسعود مدير المتحف على ثقته بي حيث أوكل لي عمل إحصاء لمقتنيات المتحف ومحتوياته وهو ما أضاف لي معلومات قيمة بصورة عملية ومشاهدة. كما وأثني على الجهود الكبيرة التي تقوم بها الهيئة العامة للآثار والسياحة في الكشف عن الآثار وتعزيز الحفاظ عليها واثق أن هناك آثاراً قيمة في مناطق المملكة لم يتم اكتشافها بعد. تطلعات المستقبل *ما هي تطلعاتك لمستقبلك العملي في هذا المجال؟. بالإضافة للقيمة الفنية والجمالية في مجال ترميم الآثار إلا أنه يعتبر علماً واسعاً لم تسبر أغواره بعد، لذا أتطلع إلى مواصلة الدراسات العليا في هذا المجال لأسهم بمزيد من التقدم والتطور لبلدي ولن أكتفي بأن أكون أول مرممة آثار في المملكة. كما أتمنى أن يكون هذا التخصص متاحاً في جامعات وكليات المملكة للفتيات حيث أثبتت المرأة السعودية تميزها وتقدمها في مجالات واسعة ومعارف وعلوم شتى.