هلا كيف الحال والعائلة ؟ في البداية وبعد التحية , أريد أن أؤكد بأنني -حقيقة- لا أسأل عن الحال , لأنه وكمعظم الاشياء في الحياة من حولنا لم يعد ثابتا , ولكنني معجبة بكلمة " عائلة " وهي تتلطف من تعابير الازواج والاخوان والأقارب لتعني " امرأة " واحدة , مع أو بدون الأطفال . ولابد أن نكون من مجتمعات قليلة تستخدم هذا اللقب , ولا اعتراض بالطبع فكيف وهو يعظمنا لدرجة الجمع ؟ غير أنه يجب في هذه الحالة ومن باب الامانة الاشارة إلى حالة اعتراض واحدة أتت تصحبها دهشة ما من صديقة قالت إنها وصلتها تهنئة بالعيد وعلى الظرف كتب : سعادة الاستاذة فلانة الفلاني ..والعائلة ! ولم يُفهم إن كان المرسل الحريص قصد – الزوج والاطفال – بمسمى العائلة وقد تكون مداعبة أو خطأ غير مقصود إلا أن الصديقة ومن باب السلامة أعطت التهنئة الجماعية لزوجها ..بدون الظرف . لقب آخر يسبق أسماءنا عفويا في المجتمعات الخليجية هو الاستاذة " في الحالة الرسمية " أو الأخت " توددا واحتراما " , ولقب الأخت جميل لا نصادفه في مجتمعات كثيرة، وصفة مريحة لأنها لا تتطفل بالاشارة إلى وضع المرأة الاجتماعي . بعض المجتمعات العربية تنادي المرأة تأدبا " بالآنسة أو المدام "وهذا مقبول , غير ان المزعج هو سؤال المرأة المعنية أولا " آنسة أو مدام ؟" فتقول المرأة " مدام " ظنا منها أن الاجابة حاسمة لتفاجأ بعدها بتعليق غير متوقع مثل " معقول ؟ ...هل لديك أطفال"؟ ويبدأ شبه حوار غير مرغوب فيه عندما تجيب " نعم واحد , او اثنان أو ثلاثة " ثم يأتيها العجب المجامل " حقا ؟ لا يبدو عليك " . وحقيقة لا يمكن فهم كيف من الممكن أن يبدو عليها ! وفي الغرب تصبح المرأة كما هو معروف " مسز فلان " ويضاف اسم زوجها لها - مشكلة عندما تطلق ثم تتزوج آخر - ولو سافرت عائلة ..أقصد زوجة مع حماتها وأخت زوجها للخارج علينا ان نتوقع بأنهن جميعا يصبحن " مس ومسز فلان " وعليه سيكون هناك حاجة لفرز المقصودة . ومن أجواء الخصوصية العائلية وملامحها الاجتماعية المتوارثة نعرج على مشهد طريف قد يبدو مفبركا قليلا ولكنه يتكئ على واقع يتكرر وهو يشاغب معاييره الملونة. دق الهاتف في مكتب الرجل الرزين , وتزامن الرنين مع دخول رجلين . أحدهما مضطر للوقوف على أعتاب الصباح للبحث في أمور العمل الملحة قبل أن يهجم عليهما الجمهور , والآخر جاء كعادته مستمعا ..ومسليا . المستشار -كما يسميه الرفاق- مفيد لكل المعاملات التي تتطلب رأيا مشروعا فورا . الهاتف يصر على مقاطعة تحيات وهمهمة الصباح المعهودة. المدير يلتقط الهاتف , يلمح رقم البيت, ويقول في صوت خفيض كمن لا يريد أن يقول " هلا " . وتجيبه زوجته بدهشة " هل أنت نائم ؟!" ملامحه تنقبض في حركة مسرحية رغم أنها لا تراه , ولكنها عادة الذكاء في تطويع نبرات الصوت . نمثل الحركة ليشهد لها الصوت . " نائم !" كيف أنام في المكتب ؟" تعلو النبرة قليلا . تتردد ضحكتها " معليش ظننتك نائماً . " ..تستطرد موضحة " عموما أنا أهاتفك لابشرك بأن مفاتيحك الضائعة وجدناها ..وسوف يأتيك السائق لو .." يقاطعها في اهتمام " مفاتيحي ؟...آين كانت ؟" هي مشاغبة " في البر طبعا , بعد أن رحلتم من مخيمكم الموسمي " " أي مخيم ؟ لقد أخبرتك أنني كنت في عزيمة صديق " " لا بالفعل وجدناها ولكنها لم تكن في البر بل في حديقة المنزل " الرجل يهاود السيناريو الغريب ,يلتفت نحو الحائط وكأنه يريد ان يخرج من واقع المكان ولكن الفضول يغلبه . " وكيف جاءت إلى حديقة المنزل وأنا مضيعها في صالة المطار ؟" هي في حيرة " شيء غريب بالفعل ..لابد أنها رياح العاصفة التي زارت المدينة .يقولون أنها حملت كل شيء من مكانه " . إجابتها الفريدة تقف أمام وعيه , تتلمس اهتمامه ببطء . يود أن يضحك ويطرح جديته جانبا ولكنه يقاوم أمام محاولة استدراجه . " عموما...ابقوها عندكم إلى أن أحضر " " حلوة " عندكم " هذي " تفكر .. نحن العائلة . تضحك وهي تقفل الخط .