هل جاءت هذه الكتابة متأخرة ؟ ربما . ولكن هل ستنتهي في أسبوع أو أكثر تلك الفرحة العامة بتكريم خادم الحرمين للأديب الوالد عبد الله بن إدريس وتقليده وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى ، أعلى وشاح وطني على الإطلاق ؟ أجزم أن كثيرا من الكتابات ستأتي كما أتى قبلها ومثلها الكثير ، ولكن السؤال الحري بالطرح هو لماذا هذا الفرح العام الذي جمع كل أنواع ومستويات وتباينات الأطياف الفكرية في امتداد البلاد طولا وعرضا ؟ والجواب من وجهة نظر وطنية بحتة أن المكرم يحمل قيما نحتاجها كثيرا وفي هذا الوقت بالذات ، ذلك أنه يمثل بمنهجيته وطبيعته المتسامحة تجربة متفردة قياسا بزمنية المرحلة ونوعية الحراك واختلاف المدارس وتعدد الأفكار والآراء ، حيث نأى بزورقه الجميل عن كل ذلك بل وحمل معه نادي العاصمة الأدبي في هذا الزورق لأكثر من ربع قرن ، رغم طبيعة الوسط المليء بما( يعادي من أجله ويعادى ) كما قال البردوني: ذات كرب . عبدالله بن إدريس ....... اختلف ولم يُقص ِ ، اُنتُقِدَ ولم يغضب ، حُسِدَ ولم يحقد ، كافح وصبر وكان وفيا ، متسامحاً استوعب الجميع . وهذه القيم موجودة في شعره وفي فعله طوال مسيرته الثمانينية . هنا موقفان يحضراني الآن ، الأول قديم نسبيا والثاني في اليوم التالي للجنادرية بعد التكريم ، أما الأول : فقد كنت في مجلس الشيخ حمد الجاسر وجاء الحديث على تكريمه -رحمه الله- وما كتب فيه، فقلت مازحا بسؤال فيه لحن - للفت نظره لشاب صغير لا يعرفه - ولأني أدرك حرصه ونصحه وعنايته بالتعليم والتوجيه، وعدم محبته الإطراء ، يا شيخ حمد من الذي قال : إن يكرموك فهم قد أكرموا الأدبا أو قدروك فللتاريخ ما وجبا فقال : هو ذاك الأصيل الوفي ، الذي لا يعرفه أحد إلا أحبه ، مَن يُحب الجميع ، ومن يبادله الجميع حبا بحب ، قال هذا في تكريمه وهو الذي يستحق التكريم ( أو عبارة نحوها ) كان ذلك اللقاء قبل أكثر من خمسة عشر عاما . أما الموقف الثاني : - فقد كنت في تجمع سعودي شاب خارج البلاد وكان الحديث عن تكريم الجنادرية في اليوم التالي له ، كان إجماع المجلس المختلف التوجه المندفع السن على أن التكريم مستحق يبرره تاريخ المكرم وأثره ونتاجه وأسلوب حضوره، والأهم بالنسبة لجيلنا أنه يمثل انتصارا لقيمه التي نحتاجها في هذا الوقت بالذات . هذا هو ابن إدريس الذي انشغلنا بهدوئه عنه ، سنيناً طوالاً .