تعاني مسئولات التربية الخاصة بمنطقة عسير من عدم تعاون الأهالي معهن من جهة متابعة بناتهن والاهتمام بإلحاقهن بالتعليم والمجتمع، وخاصة بالمناطق البعيدة أو غير المؤهلة لذلك، مما دعا مكاتب الإشراف التربوي بعسير بعمل لقاءات متواصلة مع أمهات الطالبات بصفة مستمرة لتوعيتهن وتعريفهن بضرورة دمج بناتهن بالمجتمع، وهو ما سهل عليهن كسر حاجز الخجل وعدم الإنفراد بالمشكلة وحلها، بما يتوافر بالمراكز ومدارس الدمج من برامج وأجهزة تخدم هذه الفئة. وقد أقام مركز الإشراف التربوي بالحرجة والذي يعد من أحدث مكاتب الإشراف التربوي بعسير في أولى فعالياته ملتقى التربية الخاصة تحت شعار "أمي لا تخجلي من وجودي"، وكان الهدف منه هو جمع الأمهات وإعطائهن صورة كاملة عن كيفية التعامل مع أبنائهن وبناتهن من ذوي الإعاقات السمعية أوالبصرية أو الفكرية والذي كان بدعم وتوجيه من مدير التربية والتعليم للبنات د.علي الموسى، وكانت فقرات الحفل تصب في كيفية إيصال رسالة المدرسة للأمهات وكسر حاجز الخجل ودعوتهن لتخطي العزلة التي فرضوها على بناتهن، وأن الإعاقة ليست حاجزا لخروج الفتاة للتعليم وللحياة وجعلها عنصراً فاعلاً في المجتمع بدلاً من الخجل من وجودها مستشهدات بعدد من العلماء والأدباء الذين لم تكن إعاقاتهم سببا في ثنيهم عن تثبيت أسمائهم وتخليدها عبر التاريخ. المدرسة الوحيدة وتعتبر المدرسة الابتدائية بالحرجة هي المدرسة الوحيدة التابعة لمحافظة ظهران الجنوب التي تطبق برنامج دمج طالبات التربية الخاصة بطالبات التعليم العام منذ ثلاث سنوات وعدد طالباتها 9 طالبات اثنتان منهن إعاقاتهما سمعية وسبع طالبات إعاقاتهن فكرية، ومازال على مقاعد الانتظار العديد من الطالبات اللاتي كان للقاءات التربوية أثر في جذب أهاليهن لتسجيلهن. ومن خلال هذه التجربة قالت مديرة الإشراف التربوي بالحرجة أمل آل دوسري لقد حرصنا منذ افتتاح المكتب بداية هذا العام أن نولي التربية الخاصة اهتماما كبيراً، حيث نجد أن كثيراً من الأسر تهمل أبناءها وتخجل من التحدث عن همومها ومشاكلها ويجعلون من المنازل سجنا كبيرا لذوي الإعاقة. وبينت مشرفة التربية الخاصة عائشة البشري أن للأسرة والمجتمع أهمية كبيرة في رفع وتعديل سلوك المعاق، وأهمية إدخاله البرامج التي تستطيع النهوض به، والتعامل معه بالشكل الصحيح بدون شدة تدمره ولا رحمة وشفقة تضايقه؛ فالمعاق يحتاج فقط لمن يمد له يد العون والمساعدة، وعملية الدمج تهدف إلى دمج اجتماعي وفكري بين الطالبات، حيث لايمكن إغفال حق أي طفل بالتعليم مهما اختلفت قدراته والجميع يعي أن الطفل المعاق له الحق بمد يد العون ومساعدته بتحقيق أهدافه بالحياة وتخفيف من محنته فهذا يساعده على تنمية إدراكه وبناء بيئة تربوية أقرب للطبيعية بالنسبة له. صعوبات عند التطبيق وكشفت سعدى الغامدي مديرة المدرسة الابتدائية بالحرجة - والتي تعتبر المدرسة الوحيدة التي طبقت برنامج الدمج - عن تخوفها من القرار عندما وصلها قبل ثلاث سنوات، وتقول: في بداية تطبيق البرنامج عانينا من بعض الصعوبات والخوف من وجود تصادم بين الطالبات من الفئتين، ولذلك كنت أغرس في الطالبات ضرورة التعامل السليم مع طالبات التربية الخاصة من خلال الطابور الصباحي وكذلك استقبال معلمات ذات تخصص وتدريبهن من خلال الدورات المتعددة، وبفضل الله وجدنا الاندماج السريع والحميمية بين الطالبات والمعلمات وبخاصة بعد وجود معلمة حاصلة على دبلوم فكري استطاعت عمل خطة فردية لطالبات التربية الخاصة واستطاعت أن تحد من السلبيات التي قد يواجهها الدمج. مواجهة مجتمع أما المعلمة فريال حيان الوادعي فتقول: عندما تختار المعلمة التربية الفكرية فإنها تعلم مسبقا بأنها ستكون بمواجهة مجتمع لا أفراد، لأننا مازلنا نعاني من عدم تفهم ومعرفة بعض الأسر مدى الإعاقات لدى أبنائهم، ففي بداية تجربتي بتدريس فصول الدمج عانيت من تهيئة وتحديد مراحل الطالبات، وبفضل الله ثم مجهودات مديرة المدرسية وزميلاتي المشرفات استطعنا عمل الخطط الفردية للطالبات وعمل مناهج معينة للطالبات خاصة بالقراءة والرياضيات بمساعدة المعلمة نورة قوت، واعتمادنا التدريس الجماعي لمادة الاجتماعيات، وأشركنا الطالبات مع طالبات التعليم العام بالفسحة الجماعية وحصص الفنية وبحكم أن بعض طالبات التربية الخاصة يعانين من متلازمة داون فتم الاهتمام بمتابعة غذائهن، وتركيزنا على الترفية والناحية السلوكية. وتضيف: أن طالبة العوق الفكري تتقبل مايعطى لها بكل رحابة صدر عندما تتقبل معلمتها وترتاح لها فهذه الفئة تمتاز بعاطفتها الجياشة وشفافيتها الشديدة.