أقيمت صباح أمس الأحد ندوة " السلفية المفهوم..المراحل..التحولات " أدارها معالي الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان ومقررها الدكتور عبدالرحمن الزنيدي، وهي عبارة عن جلستين شارك فيهما: الدكتور رضوان السيد والدكتور عبد الحكيم أبو اللوز، والدكتور عبدالله الطريقي والأستاذ هاني فحص والدكتور جمال سلطان ، ومعالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء و محمد حسين الأمين والدكتور عبدالله البريدي والدكتور محمد لوح والدكتور سعيد بنسعيد بن علوي. استهل المقرر الدكتور عبدالرحمن الزنيدي فعاليات الندوة ضمن الفعاليات الثقافية والفكرية للمهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الخامسة والعشرين بكلمة موجزة عن آليات سير الندوة ، التعريف برئيس الندوة والمشاركين، بعدها بدأ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان بتقديم المشاركين فكان أول المتحدثين معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد فتحدث عن ماهية السلفية وتاريخها ؟ والمقومات المنهجية للسلفية. وعن معنى السلفية عند المعاصرين وتفاوت المعاصرين في تصوير مفهومها حيث يرى بعضهم أن السلفية كمنهج منسوبة إلى السلف ، وهم أهل القرون الثلاثة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية في الحديث الصحيح المتواتر المخرج في الصحيحين وغيرهما. وبعضهم يرى أن السلفية هي موافقة الرأي للكتاب والسنة وروحهما ، فمن خالفهما فليس بسلفي ، وإن عاش في عهد الصحابة الذين بهم ابتدأت السلفية. و عرفها الدكتور راشد الغنوشي بأنها : المنهجية التي تقوم على رفض التقليد المذهبي الفقهي والعقائدي ، والعودة في كل ذلك إلى الأصل. وأبان بن حميد السلفية في الفكر الغربي ، وعدّد بن حميد أبرز صفات الأصوليين، كما يرصدها كاتب غربي. وتحدث بن حميد عن التصورات الخاطئة حول السلفية، وعن مقومات فهم السلف للنصوص الشرعية، وعن معالم المنهج السلفي. واختتم معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد مشاركته بالقول : يبقى منهج السلف بالمفهوم الذي ذكر سابقاً بأنهم أصحاب القرون المفضلة الأولى هو المنهج الصحيح للسلفية لما ذكر من مقومات فهم الصحابة رضوان الله عليهم ولما ذكر من تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم لهم ، فكل ادعاء للسلفية يخالف ماعليه الصحابة فهو ادعاء باطل ، حيث إن السلفية هي اتباع لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضوان الله عليهم ولا يحسن أن يكون هذا المصطلح باباً لنزاعات وصدامات مع أحد ، ولاينبغي أن ترفع باسمه الشعارات ، أو توقد الخلافات ، حيث يبقى منهجاً واضحاً لمن أراد اتباع السلف لا حزبية ولا طائفية تفرق الأمة وتنخر في وحدتها . وشارك الدكتور/ عبدالله البريدي بورقة بحثية بعنوان " بحث في الإشكاليات الاصطلاحية والفكرية للسلفية معطيات واقعية ومؤشرات مستقبلية، فأوضح أن " المصطلح " كائن ثقافي ديناميكي"، حيث تتجدد دلالاته - المعلنة والمضمرة- ووظائفه في ضوء تفاعلات البشر في محيطهم الثقافي وفق ما يملكونه من معتقدات وقيم ومفاهيم وأمزجة خاصة. وبيَّن البريدي أن التعاطي مع الفكر الإسلامي الحديث بغية تحليل منظومته المفاهيمية والمنهجية وتصنيف مدارسه واتجاهاته وتياراته مسألة بالغة الصعوبة، نظراً للتنوع الكبير في المناهج والأنساق والمشاريع الفكرية المطروحة. د. رضوان السيد وأكد البريدي على أن التغيرات في محيط السلفية "المعاصرة"، قد أوجد لها أدبياتها ومبادئها ورموزها وتطبيقاتها الخاصة. وحدد الدكتور البريدي السمات الجوهرية للفكر السلفي المعاصر في النقاط التالية: الارتهان للتاريخ والتسويف للواقع، و غلبة الفكر الشفهي، والمحلية المفرطة المتلبسة بالعالمية. وأماط الدكتور البريدي اللثام عن بعض الإشكاليات في الجانب الاصطلاحي للسلفية والتي تؤول إلى ما أسماه ب "فنائية المصطلح" وأكد بأن الفنائية في السلفية قد انعكست في فكرها وسلوكها – باعتبارها جوانب من الإشكاليات الفكرية – وحدد هذه الجوانب في الآتي: "الفنائية النموذجية"، و"الفنائية الفكرية" و"الفنائية الثقافية" و"الفنائية الجماعية"، و"الفنائية التاريخية" . وشدد الدكتور البريدي على أن التحليل للسلفية في بعض أبعادها المفاهيمية والفكرية والسياسية يقود إلى تقرير حقيقة ضخامة تأثير "السلفية" في الفضاءات الفكرية والسياسية لاسيما في منطقة الجزيرة العربية، ومن مظاهر ذلك تشكيل "التفكير الجمعي" والذي يشير إلى لون من التفكير التراكمي المرتبط بالذاكر الجمعية في سياقها التاريخي والجغرافي، والتفكير الجمعي لا يوجّه تفكير بعض أفراد المجتمع فحسب وإنما يصطبغ به عموم الأفراد، إذ إنه يشكّل الإطار العام لتفكير المجتمع؛ بل المصنع الذي ُتصنّعُ داخلَه "الأجهزة المعرفية" التي يتم تركيبها في عقول الناس، وتتكوّن تلك الأجهزة من "منظومة" و"أخلاط" من المعتقدات والقيم وطرائق التفكير وأدوات التحليل والمفاهيم والمصطلحات، كما تعبئ تلك الأجهزةُ العقولَ بكمية من العادات، والاتجاهات حيال القضايا والأحداث والأشخاص، وقواعد السلوك الصحيحة والخاطئة، تقل تلك الكمية أو تكثر وذلك بحسب قوة أو هيمنة التفكير الجمعي. د. عبدالرحمن الزنيدي وشارك د. سعيد بنسعيد العلوي بورقة بعنوان " السلفية و"السلفيات" الأخرى قرأها بالنيابة عنه الدكتور عبدالله السيد ولد أباه فعرض فيها السلفية الكلاسيكية وسلفية «السلفية الجهادية» والسلف والسلفية بين منظومتين واختتم ورقته بالتنبيه إلى الاختلاف الذي يقوم في شروط النشأة والتكون مثلما تبين الذي يقوم في البرامج والمضامين والأهداف. ذلك أن هنالك بوناً شاسعاً بين واقع البلاد العربية الإسلامية في نهاية القرن التاسع عشر والعقود الأولى من العقد المنصرم، وواقع تلك البلاد العربية في الحقبة التي أعقبت هزيمة 1967 (متى نظرنا إلى الواقع من جانب) والحدث الرمزي المتمثل في إعدام الشيخ سيد قطب (متى نظرنا في الواقع من جانب ثانٍ، وأخذنا هذا الحدث بعين الاعتبار في قراءة النصوص الهزيلة التي أفرزتها حركات "السلفية الجهادية"). ثم إن هنالك، من جانب آخر، واقعاً مغايراً لا يتصل بوجود المسلمين في البلاد العربية الإسلامية وفي بلاد الإسلام غير العربية، ولكنه يتصل بواقع شباب المسلمين الذين ينتسبون إلى الجيل الثالث من المهاجرين المسلمين إلى دول أوروبا الغربية. ذلك أن ما يدعى بالأحياء "الحارة" أو "الهامشية" في كثير من بلدان أوروبا الغربية، وفي مناطق من أمريكا، أمكنه أن يكون تربة صالحة وأجواء مناسبة لظهور الحركات "الجهادية" في تلك الأحياء ثم انتقالها بعد ذلك - في نوع من "التصدير" إلى العديد من البلدان العربية الإسلامية خاصة. وتلك ظاهرة أخرى لا تزال تستدعي البحث والمساءلة والاجتهاد. د. عبدالوهاب أبو سليمان وأضاف العلوي:إن من شأن قراءة الفكر العربي الإسلامي في عصر النهضة، والفكر السلفي الكلاسيكي بعض من ذلك الفكر، أن يمدنا بأدوات جديدة في النظر إلى الواقع العربي الإسلامي والدفع به في اتجاه التطور الإيجابي وفي التمكين من فتح آفاق الحوار المثمر في عالم لا يكون ممكناً ولا معقولاً إلا متى كان التعدد الثقافي، والحوار الإيجابي مجاله والموجه فيه في الوقت ذاته. وشارك الدكتور جمال سلطان بورقة بعنوان " الإحياء السلفي .. كإطار للتجديد الإسلامي " تحدث فيها عن مفهوم السلفية والمراحل والتحولات ، واختتم الدكتور جمال سلطان أن الإحياء السلفي هو الوعاء الاجتماعي والإنساني والديني المؤهل لاحتضان ودعم أي حركة تجديدية في المجتمع الإسلامي المعاصر ، فقط إذا أحسنَّا المداخل ، وأحسنَّا الظن ، وأخلصنا النية وجردناها لصالح الأمة وإنسانها قبل أي مصالح شخصية أو فئوية أو ايديولوجية أخرى . وشارك الدكتور عبد الحكيم أبو اللوز الباحث في علم اجتماع الدين في المركز المغربي في العلوم الاجتماعية بورقة بعنوان " تلقين الإيديولوجيا السلفية في المغرب المحتوى والأسلوب " بعد ذلك فسح مدير الندوة معالي الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان المجال للمداخلات والأسئلة من قبل الجمهور . د. عبدالحكيم أبو اللوز من ضيوف الجنادرية جانب من حضور الندوة من حضور الندوة