اذا كنا نحتاج الى مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس القادمة في المملكة لتغطية الطلب الحالي – أؤكد الحالي وليس المستقبلي - والأزمة تتفاقم، ولايظهر في الأفق أي بوادر لحلول جذرية، والفجوة تتسع بين العرض والطلب لصالح الأخير، وأسعار الأراضي في اعلى مستوياتها دون أي منطق. فهذا يعني اننا بحاجة الى 400 شركة عقارية تطور كل منها 500 وحدة سكنية سنويا. فهل يمكن ذلك؟ حسب المعطيات هذا مستحيل، لأن دور معظم الشركات العقارية الفردية والمساهمة يتركز في بيع وشراء الاراضي وبناء المراكز التجارية والأسواق والمكاتب، وقلة قليلة تعمل في مجال الاسكان. الشركات العقارية لابد ان تكون قريبة من احتياج السوق وبالذات العائلية التي تمتلك تاريخا وخبرة للخروج من عنق الزجاجة وتحويل أعمالها نحو حاجة السوق وافضل استثمار على المدى البعيد هو الاستثمار في مشاريع الاسكان. تستطيع الشركات العائلية ان تعيد هيكلة اعمالها والخروج من اطارها التقليدي المتمثل في بيع وشراء الاراضي وتخطيطها كاقصى حدود للتطوير. اقول يمكنها ان تتحالف مع شركاء جدد محليين او اجانب والعمل على تطوير مشاريع اسكانية متكاملة الخدمات. شركة عائلية عقارية في الرياض لها اسم وتاريخ طبقت العمل المؤسسي واعادت هيكلة اعمالها بعدما كانت تعمل في بيع وشراء الاراضي، اسست شركتين اخريين الأولى متخصصه في الاسكان والثانية لمواد البناء وهي تدخل السوق بخطى ثابته وتعمل حاليا على عدة مشاريع سكنية وتخطط لزيادة راسمالها وتسعى لتحويل الشركة الاسكانية الى مساهمة عامة خلال خمس سنوات. ما الذي يمنع بقية الشركات من التفكير في تطبيق العمل المؤسسي والبحث عن فرص للاندماج او التحالف مع شركات اخرى والاستثمار في تطوير المشاريع الاسكانية والاستفادة من فرص وجود اراض وأصول تمتلكها. البقاء على نمط الادارة التقليدي والاعتماد على ابناء العائلة والاقارب والاجانب في تسيير دفة العمل حتما سيؤثر في مسيرتها سلبا على المدى القريب والبعيد، وهي شركات يفترض بها ان تتطور وتكون امتدادا لنجاح الاباء، هناك شركات لازالت تفكر وتدير العمل باسلوبها القديم ولاتفكر الا بمصالحها فقط دون النظر لمسألة تبادل المنافع والاستفادة من الفرص المتاحة في سوقنا السعودي. مشاريع اسكانية كبرى اعلن عنها اعوام 2006 و 2007 و 2008 م معظمها لم ير النور وبعضها يسير ببطء. والاسباب متفاوته بين سوء الادارة، وسوء التقدير لحجم ومتطلبات المشاريع المماثلة، وضعف التخطيط، والاعتماد على البيع المبكر او مايسمى البيع على الورق، وبطء استخراج التصاريح من امانات المدن، واخيرا التأثر بالأزمة العالمية لمن اعتمد على الاستثمار في اسواق الاسهم والعقارات المحلية والدولية والمجازفة براسمال الشركة او اموال المساهمين. يبقى الرهان على الشركات العائلية في تحريك جمود السوق والاسهام في حل مشكلة الاسكان والحد من تفاقمها والتفكير الاستراتيجي للخروج من اسلوب الادارة العائلي القديم ومواكبة التطورات وهي الشركات التي تعرف كيف تدير اموالها بالشكل الصحيح بعيدا عن التهور.