اختلف أهل العلم في وجوب الصلاة جماعة وفي المسجد فذهب بعضهم إلى القول بعدم الوجوب واستدلوا على ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفضل صلاة الجماعة على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة ، وقالوا في توجيه الاستدلال بأن المفاضلة بين الصلاتين تقتضي صحتهما وأن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد. وذهب كثير من أهل العلم ومحققيهم إلى أن صلاة الجماعة واجبة وأن تركها إثم موجب للعقوبة إلا أن يكون الترْك لعذر شرعي، وأن صلاة المنفرد مُسقطة للفرض مع الإثم في ترك الجماعة. استدل أهل هذا القول بحديث الأعمى الذي جاء يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة في بيته لعماه ولوجود هوام في طريقه إلى المسجد فقال له صلى الله عليه وسلم: اتسمع النداء؟ قال: نعم. قال أجب لا أجد لك رخصة.. وبحديث همّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحراق بيوت لا يشهد رجالها الصلاة جماعة لولا ما فيها من الأطفال والنساء.. وبحديث: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد. وبأثر ما ذكره بعض الصحابة: رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة جماعة إلا منافق معلوم النفاق. وبالسنة العملية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في محافظته على الصلاة جماعة حتى في مرضه. والاستدلال بحديث فضل صلاة الجماعة على المنفرد بها على الاستحباب غير ظاهر فعامة ما في الحديث في ذلك أنه يدل على سقوط الفرض عمن صلاها منفرداً مع الإثم كصحة صلاة من صلى في أرض مغصوبة ، أو تطهر بماء مسروق ، أو صلى في ثوب حرير أو مصلى حرير أو حج أو عمرة من سافرت إلى ذلك بلا محرم فالعبادة صحيحة مع الإثم في المخالفة. وبشرى للمصلين جماعة أنني وجدت في مصنف ابن أبي شيبة ما يدل على أن صلاة الجماعة تفضل على صلاة المنفرد بخمس وعشرين درجة إلا أن يكون عدد المصلين في المسجد أكثر من ذلك فبعددهم .. هذه بشرى لإخواني المصلين جماعة في المساجد ، وفضل الله واسع ورحمته أوسع والله غني كريم. وإليك أخي القارئ نص ما وجدته.. قال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن عكرمة عن بن عباس، قال فضل صلاة الجماعة على صلاة الوحدة خمس وعشرون درجة، فإن كانوا أكثر فعلى عدد من في المسجد، فقال رجل وإن كانوا عشرة آلاف، قال نعم وإن كانوا أربعين ألفاً. 8400 حدثنا أبو خالد عن محمد بن سوقة عن رجل عن كعب قال على عدد من في المسجد، قال ابن حجر في فتح الباري: ومما ورد من الزيادة على العدد المذكور ما أخرجه بن أبي شيبة من طريق عكرمة عن بن عباس موقوفاً عليه، قال فضل صلاة الجماعة على صلاة المنفرد خمس وعشرون درجة، قال فإن كانوا أكثر من ذلك فعلى عدد من في المسجد، فقال رجل وإن كانوا عشرة آلاف قال نعم وهذا له حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأي لكنه غير ثابت. قال في تنوير الحوالك: وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن بن عباس قال فضل صلاة الجماعة على صلاة الوحدة خمس وعشرون درجة، فإن كانوا كثر فعلى عدد من في المسجد، فقال رجل وإن كانوا عشرة آلاف قال نعم وإن كانوا أربعين ألفاً، وأخرج عن كعب قال على عدد من في المسجد، وهذا يدل على ان التضعيف المذكور مرتب على أقل عدد تحصل به الجماعة، وأنه يزيد بزيادة المصلين. روى ابن خزيمة وأبو داود عن عبدالله بن أبي بصير عن أبيه مرفوعاً، وإن صلاتك مع رجل أربى من صلاتك وحدك، وصلاتك مع رجلين أربى من صلاتك مع رجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله، ورواه أحمد عن عبدالله بن أبي بصير عن أبي بن كعب.. أه وقال شيخ الإسلام بن تيمية: وليس من شرط المسجد أن يسع جميع الناس ومع هذا جوز تحويله إلى موضع آخر؛ لأن اجتماع الناس في مسجد واحد أفضل من تفريقهم في مسجدين؛ لأن الجمع كلما كثر كان أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى.. رواه أبو داود وغيره.. أه هذه بشرى لإخواننا الحريصين على ملازمة الصلاة جماعة في بيوت الله، وأثرا من أبي شيبة وان كان سندا وليس جيداً إلاّ أنه يستشبر به ويتعلق به عند رب غني رحيم كريم. ولا يخفى ان من أصول الإمام أحمد ان الحديث الضعيف يعمل به إذا كان متفقاً مع المقاصد الشرعية وليس فيه مخالفة لنصوص أثبت منه وأصرح وأقوى. وبناء على ذلك فنحن - معشر عباد الله - نتعلق بهذا الأثر المفرح ونتوجه إلى الله تعالى ان نجعله في الاعتبار والقبول. فما ظنك يا أخي بفضل الله عليك وانت تصلي صلواتك في الحرم المكي وعدد المصلين يزيد على مليوني مصل ذلك فضل الله والله يضاعف لمن يشاء والله المستعان.