فيما توصف عادة بأنها أكثر مراحل الدوري سخونة يترقب المتابعون للدوري السعودي ما ستسفر عنه الجولتان الأخيرتان من مراحله الاثنتين والعشرين، واللتان ستحملان كل عناوين الإثارة كونهما سيرفعان الستار عن ثلاثة أمور هامة، أولها تحديد هوية المتأهلين الثمانية لكأس دوري خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال، وثانيها إماطة اللثام عن وجه الفريقين الهابطين لدوري الدرجة الأولى، وثالثها تحديد هوية صاحبي المركزين الثالث والرابع الذي يتنافس عليهما فريقا النصر والاتحاد. وعلى الرغم من أن الإعلان المبكر عن بطل الدوري الذي حسمه الهلال منذ الجولة ال19، محققاً بذلك رقماً قياسيا في تاريخ الدوري قد قلل كثيراً من إثارة الدوري، وزاد من ذلك التوقف الطويل وغير المبرر الذي شهدته المسابقة منذ دخولها الجولة ال20 حيث توقفت لمدة 40 يوماً من أجل لعب كأس ولي العهد على الرغم من أن المسابقة الأخيرة لم تدم سوى 14 يوماً، إلا أن ترقب النتائج التي ستحسم الصراع على التأهل لكأس خادم الحرمين، والبقاء والهبوط، والمركزين الثالث سيعيد شيئاً من بريق الإثارة الذي خبا كثيراً. وستلعب جميع مباريات الجولة ال21 والتي ستلعب اليوم دوراً في تحديد ملامح المنافسة بين الفرق المتصارعة كل بحسب تطلعاتها، إذا ما استثنينا مباراة الشباب والهلال؛ باعتبار أن نتيجة المباراة لن تؤثر بأية حال من الأحوال على وضعهما في سلم الترتيب، ولا على ما يتطلعان له من نتيجة المباراة، كونها لا تعدو مجرد ثلاث نقاط، بعد ان حسم الهلال المركز الأول، في حين بات الشباب يغرد دون منافس في المركز الثاني، وإن كان للمباراة من أهمية لدى الفريقين فهي في طبيعة التنافس بينهما والذي ازداد في السنوات الأخيرة، حينما باتا ضلعين ثابتين في مثلث الفرق التي تتنافس على البطولات السعودية والتي تضم إلى جانبهما فريق الاتحاد، بالإضافة إلى أن المباراة تعتبر الأقوى فنياً من بين مباريات الدوري على الأقل هذا الموسم، خصوصاً بعد أن استعاد الشباب حيويته التي افتقدها مؤخراً بسبب توالي الإصابات على لاعبيه، وهو ما بدا بوضوح في مباراته الأخيرة أمام بختاكور الأوزبكي في دوري أبطال آسيا والتي كسبها بنتيجة 3-1 على أرض مضيفه في طشقند، في وقت لا زال يقدم فيه الهلال حضوراً فنيا لافتاً ونتائج كبيرة، كما فعل في مباراته الأخيرة في ذات البطولة أمام فريق مس كرمان الإيراني الذي اتخم شباكه بنتيجة 3-1 أيضا. وتعد مباراة الأهلي والاتحاد هي الأكثر إثارة كونها ستجمع طرفي (ديربي جدة) المعروف عنه بأنه ثاني أقوى (ديربي) في السعودية بعد (ديربي الرياض) بين الهلال والنصر، وتحمل المباراة إلى جانب ذلك أهمية كبرى للاتحاد الذي يسعى لعدم الخروج من المراكز الثلاثة الأولى، فخسارته ستقلل من حظوظه بالفوز بالمركز الثالث، وهي ضربة ستعتبر قوية للفريق الذي يعيش حالياً أسوأ مراحله منذ أكثر من عقد ونصف، على إثر النتائج السيئة التي خلفها هذا الموسم، بينما لا تعدو المباراة بالنسبة للأهلي الذي يعيش هو الآخر وضعاً لا يقل سوءاً عن جاره سوى صراع تاريخي مع الاتحاد الذي يقتسم معه التنافس الكروي في جدة، كون الأهلي قد ضمن التأهل لكأس خادم الحرمين الشريفين. وإذا كان (ديربي جدة) سيلعب في غرب السعودية فإن شرقها سيحتضن في ذات الوقت (ديربي المنطقة الشرقية) الذي سيجمع الاتفاق والقادسية في مباراة مثيرة في كل شيء عدا النواحي الفنية، إذ يعيش الفريقان وضعاً فنياً سيئاً هذا الموسم، فالأول قدم نتائج متواضعة في كل الاستحقاقات التي خاضها، والثاني لا زال يعيش نتائج التخبطات الإدارية والفنية التي ارتهن لها، وهي التي خلفته في المراكز الأخيرة على الدوام، إذ يبحث اليوم عن حبل نجاة ينقذه من السقوط لدوري الدرجة الأولى، في وقت ينظر الاتفاقيون للمباراة كبوابة عبور لدوري كأس خادم الحرمين الشريفين التي تعد بالنسبة بهم آخر فرصة لتصحيح أوضاعهم السيئة. وإذا كان القادسية يتلمس طريق البقاء حين يواجه الاتفاق، فإن الرائد يشاطره ذات الآمال حين يلتقي الوحدة على ملعبه في بريدة، وتبدو حظوظ الفريق كبيرة قياسا بفريقي القادسية ونجران اللذين يتصارعان معه على البقاء كونه يتقدم عليهما نقطياً، إذ يملك 15 نقطة متقدماً على القادسية بنقطة واحدة، وعلى نجران بنقطتين، فضلا عن كونه سيواجه الوحدة ذا المستويات المتذبذبة. وبصورة تكاد تكون كربونية من لقاء الرائد والوحدة، يلتقي نجران والحزم على أرض الأخير وهي مباراة تهم الأول كثيراً كونها تعتبر بالنسبة له آخر فرص النجاة، إذ إن أي نتيجة غير الفوز قد تعلن رسمياً وداعيته لدوري الزين الذي عاش فيه أحلى ثلاثة مواسم، في حين تمثل للحزم فرصة للمنافسة على التأهل لدوري كأس خادم الحرمين الشريفين. ويبقى النصر العائد هذا الموسم لجمع شتات تاريخه الممزق واحداً من أكثر المتحفزين في هذه الجولة حينما يلتقي الفتح، الذي يسعى من خلال بوابته لمواصلة رحلة نتائجه المتميزة التي ظفر بها مؤخراً والتي جعلته قاب قوسين من ارتقاء منصة التتويج بالمركز الثالث، الذي يتنافس فيه مع الاتحاد، في وقت يسعى الفتح الضيف الجديد على الدوري لتسجيل انجاز له بالتأهل لدوري الأبطال، وكذلك لمصالحة جماهيره بعد الخسارة القاسية والمفاجئة التي مني بها من الوحدة بسداسية بيضاء ألقت بظلالها على أنصاره.