تفاعلت قضية الأمريكي إيمون هيغنز من ولاية كاليفورنيا المتهم بتقديم المساعدة لطلبة من عدة دول من منطقة الشرق الأوسط يدرسون في الولاياتالمتحدة، وكشفت عن وجود ثغرات في أنظمة الهجرة الأمريكية وتتبع أوضاع الطلبة الأجانب في الولاياتالمتحدة. وكانت سلطات الهجرة الأمريكية قد كشفت عن عدة عصابات في مدن أمريكية مختلفة منها ميامي بولاية فلوريدا وأورينج كاونتي بولاية كاليفورنيا وأطلنطا بولاية جورجيا في الماضي القريب. لكن قضية هيغنز كانت مختلفة لأنها مست الوضع القانوني لما يزيد على 100 طالب أجنبي وعصابة قد يصل عدد أفرادها إلى أكثر من 10 أشخاص. وفضلا عن مساعدة هؤلاء لطلبة من الشرق الأوسط على النجاح في امتحاناتهم والحصول على الساعات المعتمدة اللازمة لهم للتخرج.. كشف المحققون الأمريكيون أن أفراد هذه العصابة كانوا يقدمون العون لهؤلاء الطلبة لمساعدتهم على البقاء قانونياً في جامعاتهم، وبالتالي الاحتفاظ بتأشيراتهم الأمريكية صالحة للاستعمال. وكان المحققون القضائيون قد وجهوا لائحة اتهام للأمريكي هيغنز يوم الإثنين الماضي تتضمن أن الرجل كان يترأس عصابة من الأمريكيين الذين كانوا يؤدون بصورة غير قانونية الامتحانات عن طلبة من دول مختلفة في الشرق الأوسط منها تركيا ولبنان وقطر والمملكة، ومساعدتهم بذلك على الاحتفاظ بتأشيرات إقاماتهم الطالبية في الولاياتالمتحدة بصورة غير مشروعة، وذلك في مقابل حصوله وأفراد مجموعته على مئات الآلاف من الدولارات. وقال المحققون القضائيون الأمريكيون إن هيغنز، 46 عاما، وحوالي عشرة من شركائه ساعدوا هؤلاء الطلبة على البقاء ضمن القانون لناحية تأشيرات إقاماتهم الطالبية عن طريق حضور دورات دراسية بأسمائهم وكتابة أوراق البحوث لهم والجلوس للامتحانات النهائية عنهم بضمانة الحصول على تقدير "ب" أو أعلى في هذه المواضيع الدراسية. وقد اثارت هذه القضية النائب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي غاس بيليراكيس، الذي كانت السلطات في ولايته قد كشفت عن قضية مشابهة في جامعة جنوب فلوريدا عام 2007. وغاس هو عضو بارز في لجنة الإشراف على الأمن الوطني في الكونغرس ويشارك في تبني مشروع قانون يتطلب من الجامعات الأمريكية إجراء مقابلات شخصية مع الطلبة الاجانب فيها كل 30 يوما خلال الفصل الدراسية وكل 60 يوما خلال العطل الدراسية. ولم يلمح المسؤولون في ولاية كاليفورنيا الذين يدرسون قضية هيغنز إلى وجود علاقة بين هذه المجموعة والإرهاب، ولكن المسؤولين لم يستبعدوا القيام باعتقالات إضافية في التحقيق الذي مازال جاريا في القضية. وقال المسؤولون إن أفراد المجموعة التي ساعدت الطلبة الأجانب استعملوا رخص قيادة مزورة بصورة احترافية للدخول إلى قاعات الامتحان، بما في ذلك امتحانات مستوى اللغة الإنجليزية، وهي الامتحانات التي يتعين على الطلبة الأجانب النجاح فيها للحصول على القبول للدراسة في الجامعات الأمريكية. وقال هؤلاء إن عشر جامعات أمريكية في ولاية كاليفورنيا - سبع كليات مجتمع وثلاث جامعات حكومية - تأثرت بأعمال هذه العصابة. وكشف هؤلاء عن أن هيغنز فرض رسما قيمته 34,000 دولار على طالب سعودي لأخذ مساق دراسي كامل عنه، وأنه تنازع مع الطالب السعودي على دفع المبلغ حسب ما كشفت عنه رسائل إلكترونية بين المتهم والطالب السعودي. وقال المحققون إن العديد من طلبة دول الشرق الأوسط هؤلاء غادروا الولاياتالمتحدة وتمكنوا من الدخول إليها ثانية عدة مرات مستخدمين خدمات عصابة هيغنز، إذ كانوا يسجلون أنفسهم أحيانا في كليات جديدة. وقد تم توجيه تهم تزوير وثائق تأشيرات الإقامة لستة من هؤلاء الطلبة. وتم وضع 10 طلبة آخرين في قوائم لترحيلهم عن البلاد، فيما لا يزال مسؤولو دائرة الهجرة يبحثون عن 30 طالبا آخر يعتقد أنهم مازالوا في الولاياتالمتحدة. وحسب الوثائق التي كشف عنها المحققون القضائيون في المحكمة، فإن هيغنز التحق بعشر جامعات أمريكية في الفترة بين 2002 و2009 في منطقة جنوب كاليفورنيا، بما فيها جامعة كاليفورنيا ستيت بلوس أنجلوس وإيرفاين فالي وسانتا مونيكا. وحسب هؤلاء فإنه درس مواضيع مختلفة لحساب طلبة أجانب من بينها علم الاجتماع والتسويق وإدارة الأعمال والرياضيات واللغة الإنجليزية. وكان هيغنز يفرض رسوما تصل إلى 1,500 دولار للقيام بواجبات مساق دراسي معين و1,000 دولار للجلوس لامتحان مستوى اللغة الإنجليزية. وقال المحققون إن الطلب على خدمات هيغنز كان كبيرا للغاية إلى حد أنه استأجر عدة مساعدين له، بمن فيهم امرأة شابة شقراء كانت تحضر الدورات الدراسية الجامعية على أنها طالب شرق أوسطي! وتعتقد السلطات أن هيغنز ومجموعته ساعدوا أكثر من 100 من الطلبة الأجانب في المنطقة، وهم ينتمون إلى المملكة والكويت ولبنان وتركيا وقطر، وأنه حصل على مئات آلاف الدولارات لقاء خدماته من هؤلاء الطلبة. وتقول التقارير إنه تم التنبه إلى هذه القضية حين عثرت الشرطة في ولاية كاليفورنيا على محفظة جلدية صغيرة في الصيف الماضي كانت بداخلها سبع رخص قيادة مزورة وكلها تحمل صورا لابن أخت هيغنز.