** بوفاة فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوي..شيخ الجامع الأزهر في الرياض يوم أمس الأول الأربعاء..تكون هذه الأمة قد فقدت ''عقلاً‘‘ كبيراً..وصاحب رؤية إنسانية وحضارية شديدة الوضوح..وعالماً جليلاً..فتح عقولنا..ومشاعرنا على آفاق جديدة من معرفة الإنسان لخالقه..وفي إحاطته بتعاليمه السماوية..وفي دراسته لسنة نبيه محمد بن عبدالله..عليه أفضل الصلاة والسلام.. ** لقد كان الشيخ ''سيد طنطاوي‘‘..عالماً رحباً من الفكر المتسامح..والإدراك المستوعب لمعطيات الحضارة الإنسانية..ومن الخبرة بطبائع البشر وتكوين المجتمعات.. ** فهو لم يدخر سبيلاً يجسد حقيقة الإسلام..وجوهر الإسلام..وعظمة الإسلام..إلا وسلكه..ليقدمه إلى هذا العالم كدين سماوي قادر على التعامل مع معطيات كافة العصور ومتغيرات الحياة..وضرورات التقدم الإنساني.. ** فهو من الرجال الذين أسهموا طوال حياتهم العلمية..والعملية في تحرير الإنسان العربي والمسلم من ربقة الجهل..وسوءات الانغلاق..ومصائب التشدد..وكأنه يقودنا إلى طريق السلامة والأمان ويطمئننا على أن ثقافتنا أعظم..وأجل من أن تختزل الكون في ''التحريم‘‘و''التكفير‘‘ وضلالات المبتدعين..وأصحاب الاجتهادات الخاطئة..وتضييق الواسع على خلق الله.. ** كما كان يرحمه الله رحمة الأبرار..قوياً بإيمانه وعظيماً بعلمه..وخلاقاً برؤاه..وفتاواه..وأفكاره..ومطارحاته العلمية الشجاعة..في كل ما قدم وعرض وأبدى وتصدى له.. ** لقد ترك الشيخ الفاضل (سيد طنطاوي) وراءه جيلاً كاملاً من العلماء..والمثقفين..وأصحاب الرأي المستنيرين وأفسح بآرائه الثاقبة والصادرة عن علم ووعي وإدراك..وبعد نظر..أفسح المجال لظهور مدرسة جديدة منهجت الحوار حول قضايا ذات مساس مباشر بالأمور العقدية..وبالتعاملات الإنسانية اليومية..بعد أن كان مجرد التفكير في تلك القضايا من المحرمات أو المنكرات..وقد أدى هذا الأفق المعرفي الجديد في نمط التفكير الحي إلى إثراء المعرفة الإنسانية..وإلى تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة..والاجتهادات السابقة..وبالتالي فإنه خلص أجيالنا من الحيرة التي لازمتها طويلاً حول مسائل بدت بالغة التعقيد.. ** إن وفاة عالم جليل بحجم (سيد طنطاوي) هو خسارة عربية وإسلامية كبيرة..لكن هذه إرادة الله..وذلك قدره المحتوم علينا جميعاً.. ** وإذا كان هناك ما يهون علينا كثيراً فقده..فهو هذا الإرث الخالد من الآراء والأفكار والرؤى الحضارية والإنسانية العظيمة التي أنار بها طريقنا..وعلمنا كيف نفكر..وكيف نثق بأنفسنا..وكيف نتمسك بثوابتنا العظيمة..وكيف نستخدم عقولنا أحسن استخدام. ** لقد أحب الفقيد الكبير هذه البلاد وأهلها..وكان كثير التردد عليها..وشارك في الكثير من مؤسساتها الفكرية والعلمية والثقافية ومنها مؤسسة الملك فيصل الخيرية التي حضر حفل جائزتها ومات في رحابها.. ** ولذلك فإن من خسر ''سيد طنطاوي‘‘ ليس هو الشعب المصري فقط..وإنما خسرناه نحن شعب المملكة العربية السعودية..بعد أهله وأبناء وطنه ثم خسرته كافة الشعوب العربية والإسلامية..وأن ترك بصمته القوية والمؤثرة داخل عقولنا نتوارثها جيلاً بعد جيل..لاسيما وأن رفاته..سيكون بيننا..وقريباً من مسجد الرسول الأعظم محمد بن عبد الله..حيث أراد وأوصى بذلك..رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.،،، ××× ضمير مستتر: ** [ يموت العظماء..وتبقى أفكارهم حية في نفوس الأجيال المتعاقبة ]