.. لم يكن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم.. يمثّل أعظم شخصيات التاريخ لدى المسلمين فقط.. فهو كذلك وفوق ذلك.. لكن جموعا كثيرة من كبار المفكرين.. والأدباء.. والكتاب.. والعباقرة.. من ديانات مختلفة.. كتبوا عن النبي (محمد) ربما بأكثر مما كتب عنه في المكتبة الإسلامية.. نستعرض هنا بشكل يومي أهم وأبرز ما كُتِب عن شخصية الرسول العظيم.. عبْر عرض موجز لهذه الكتب.. ونقدم اليوم الكاتب توماس كارليل الذي ألَّف كتابه (محمد المثل الأعلى). علمني رمضان خفض الجناح للأيتام والمحاويج، ولين القلب لهم.. فرمضان فرصة لمعايشة هؤلاء والإحسان إليهم. محمد بن سرار اليامي كتاب (مُحمّد المثل الأعلى) للكاتب والفيلسوف الأسكتلندي توماس كارليل (1795-1881)، نال مكانة واسعة وشهرة مدوية؛ ما جعل مترجمه الكاتب محمد السباعي يقول: “حقّ على المسلمين أن يشكروا المؤلف على هذه اليد البيضاء والمنة الغراء، ولو أنهم نصبوا له على كل مئذنة تمثالا وزينوا باسمه جدران المساجد وخطب المنابر لما كانوا في أداء واجبه إلا مقصّرين، وعن القيام ببعض حقه عاجزين»! لكن؛ أسف أنه لم يفكّر أحد من قبل في ترجمة هذا الكتاب أو طبعه، على الرغم من مرور نحو 200 سنة على تأليفه، بل كانت هناك محاولات جائرة لإخفائه وعدم نشره! فماذا قال كارليل عن نبيّ الإسلام؟ وكيف قارن بينه وبين غيره من العظماء؟! في حديثه عن الإسلام، يقول كارليل: “لقد أخرج الله العرب بالإسلام من الظلمات إلى النور، فأيقظ به أمة خاملة وأحيا أرضا هامدة، كان لا يسمع لها صوت ولا تحس فيها حركة منذ بدء العالم. فأرسل الله لهم نبيا بكلمة من لدنه ورسالة من قبله، فإذا الخمول شهرة والغموض قد استحال نباهة والضعة رفعة والضعف قوة والشرارة حريقا وسع نوره الأرجاء وعقد شعاعه الشمال بالجنوب والمشرق بالمغرب. وما هو إلا قرن بعد هذا الحادث حتى صار لدولة العرب رجال في الهند ورجال في الأندلس وأشرقت دولة الإسلام حِقبا مديدة بفضل نور الإسلام». رجل عظيم النفس ثم يرد كارليل على خصوم الإسلام، قائلا: “يزعم المتعصبون والملحدون أن محمدا لم يكن يريد إلا الشهرة ومفاخر الجاه والسلطان.. كلا؛ لقد كان في فؤاد ذلك الرجل الكبير العظيم النفس، المملوء رحمة وحنانا وبرا أهداف وغايات جليلة.. تجلّت في قيام أعظم حضارة شهدتها الدنيا.. إنني أرى في محمد آيات على أشرف المحامد وأكرم الخصال، وأتبين فيه عقلا راجحا وفؤادا صادقا ورجلا عبقريا، لو شاء لكان شاعرا فحلا أو فارسا بطلا أو ملكا جليلا، أو أيّ صنف من أصناف البطل.. إنّ محمدا شهاب قد أضاء العالم، ذلك بفضل الرسالة السماوية التي تنزلت». عظمة الرسول وشهادة كارليل على عظمة نبيّ الإسلام؛ كانت منبعثة عن دراسته العميقة لشخصية الرسول الأكرم.. يقول كارليل: “الرجل العظيم في نظري مخلوق من فؤاد الدنيا وأحشاء الكون، فهو جزء من الحقائق الجوهرية للأشياء.. فمحمد رسول الإسلام كان كذلك، وكان فوق ذلك، إنه الرجل العظيم الذي علّمه الله العلم والحكمة، وما كلِمته إلا صوت صادق صادر من السماوات العُلا».