ينشرح صدري وينطلق قلمي عند رؤية إعلان ملوّن مدفوع يحتلّ صفحة كاملة في واحدة أو أكثر من صحافتنا المحليّة . الإعلان الذي أتحدّث عنه هو صورة جماعية لأفراد من هذا الشعب وقد تسلّموا أوراق ملكية لمساكن تُؤويهم وأُسرهم ، ضمن برامج إسكان جمعيات الخير أو مؤسسات وضعت ضمن برامجها غير الربحية النظر إلى المحتاج . ولن أذكر أسماءً لكن المتتبع يرى هذا . والمجتمع هنا لا يُصدّق كل المديح والإطراء ، لكنه لن ينسى أبدا أيّ حراك خيري رأى فيه أن البيروقراطية والروتين لا يُشبعان جائعا ، وأن القول دون فعل لا يروي ظمأ .. وبنك التنمية العقاري يُعلن قائمة شهرية أو دورية يُدرج فيها أسماء المستفيدين الذين تأهلوا لاستلام القرض ، أي من أودعوا طلباتهم قبل سنين ولديهم قطعة الأرض . كانوا خلال تلك المدة ضحايا ارتفاع مواد البناء وإيجار المسكن وتكرار رفعه من المالك ، أو التهديد بالطرد . قال الشاعر المرحوم عبدالعزيز بن محمد المسلّم على لسان صاحب الملك ، وهو يلوّح بطرده : - اذهب فما ضرّنا إن كُنتَ ذا مَقَتٍ ونحنُ – لو لم تشأ – في البيت أحرارُ اذهب ، فراتبك المحدود ليس سوى "سعيا" ، تقاضاهُ منا اليوم سمسارُ والنهج الذي أرجو أن تحققهُ جمعيات الإسكان الخيري أن تُعزز صنيعها الخيري والمقبول بالتفكير في إظهار قائمة شهرية أو دورية تقول للإعلام إن عدد كذا من المستفيدين من ذوي الحاجة البيّنة والمدروسة ، قد جرى تسليمهم مفاتيح وحداتهم السكنية كاملة . ويصار إلى إدراج أسمائهم ، فلا عيب في هذا . هذه الطريقة وما يستجد في أذهان أهل الخير من طرق ، تكون منظارا للمتبرعين الجدد ، وقناعة لأهل المال بأن يدفعوا أكثر ويتسابقوا إلى الخير . والمشاهد المتكررة في صحافتنا الآن هي قصص مآسي أهل العوَز ، ومن لا مساكن لهم . فتأتي الصحافة بتحقيقات صحفية بصورة خيمة في مناطق صحراوية بعيدة ، ويأتي التعليق بأن " أم فلان وأطفالها يستنجدون بأهل الخير " – مثلا .أو يظهر بالصورة الملونة رجل عجوز لا عائل له في مسكن من الصفيح المتواضع ، وأول ما يتبادر إلى ذهن القارئ هو سؤال : أين الدور المأمول لجمعيات الخير ، وبناء المساكن للمحتاج؟ تنتظر الصحافة قليلا ثم تقوم بنشر خبر عن أن أحد المحسنين – بناءً على مانشر بالجريدة – تبرّع بشراء منزل لأصحاب الصورة والتحقيق . وهذا في رأيي جيّد لكنه دون المأمول . أوصياء الخير كثيرون ، أقصد جمعيات البر، ومالديها من برامج . وأيضا الأموال ، لن تكون عاجزة عن طباعة مطوية ( بروشور ) بين حين وآخر يُرسل إلى المحسنين والصحف ، يُظهر صورة المستحق للسكن وهو يتسلّم مفتاح الوحدة السكنية ، وكم رقمهُ في جدول إنجازات السنة المالية الحالية . ومتأكد أنا أن الصحافة المحلية سوف لا تتردد في نشره مجانا ، وفي أماكن بارزة . وبهذا – في رأيي - تقلّ التحقيقات الصحفية الموجعة التي نراها عن من لا سكن يؤويهم .