قال تقرير اقتصادي حديث إن بيانات الموازنات السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي التي أعلنت مع بداية العام الجاري تشير الى القدرة الكبيرة التي تتمتع بها هذه البلدان على تدارك تبعات الأزمة المالية العالمية وإمكانية العودة الى معدلات النمو المرتفعة نسبياً مرة أخرى. وأضاف تقرير مصرف الامارات الصناعي - حصلت "الرياض" على نسخة منه - بقوله: تعتبر الموازنات الست التي أعلنت بياناتها الأولية والنهائية، موازنات قياسية بسبب ارتفاع الانفاق العام بنسب تتراوح ما بين 3.5-20% مما سيؤدي الى تنشيط الأوضاع الاقتصادية في كافة دول المجلس في العام الحالي2010. وأشار التقرير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي وضعت موازناتها السنوية لعام 2010 بناء على تقديرات حددت بموجبها سعر برميل النفط عند 50 دولارًا للبرميل، في الوقت الذي تشير فيه التوقعات الى أن متوسط سعر برميل النفط للعام الحالي سوف يبلغ 70 دولارًا للبرميل تقريبا، فإن العجز المتواضع في موازنات دول المجلس لعام 2010 والبالغ 2.9 مليار دولار يمكن أن يتحول الى فائض يتجاوز 50 مليار دولار مع نهاية العام، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك امكانيات لزيادة الانفاق في حالة استقرار أسعار النفط، كما بينت التجارب السابقة. وارتفع إجمالي حجم الانفاق في الموازنات الخليجية في عام 2010 بنسبة 14.4% ليصل الى 269.2 مليار دولار مقابل 235.4 مليار دولار في عام 2009م، أما الايرادات فقد ارتفعت بنسبة 4.4% لتصل الى 266,3 مليار دولار مقابل 255 مليار دولار تشكل عائدات النفط الجزء الأكبر منها. ويتيح إقرار موازنات قياسية بهذه الأحجام المرتفعة امكانيات كبيرة أمام تنفيذ الكثير من المشاريع وتنشيط الأوضاع المالية والاقتصادية في دول المجلس، حيث يتوقع تنفيذ مشاريع بقيمة 25 مليار دولار في عام 2010، وبالأخص في مجال البنية الأساسية في كافة هذه البلدان. وفي جانب آخر يلاحظ التقرير الزيادة الكبيرة في الاعتمادات المخصصة للتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي والتي استحوذت على ما نسبته 25% من إجمالي اعتمادات الموازنات السنوية، وهو أمر بالغ الأهمية لمستقبل التنمية في دول المجلس والتي تحاول ايجاد صيغ مناسبة بين متطلبات سوق العمل ومخرجات التعليم. ونظرا للتوقعات الخاصة باستقرار أسعار النفط عند معدلاتها الحالية المرتفعة، وربما ارتفاعها بصورة أكبر في الأشهر القليلة القادمة، فإن ذلك سيؤدي الى تنامي الانفاق الحكومي وتقديم المزيد من الدعم للمؤسسات المالية والمصرفية وتشجيعها على تخفيف القيود على الائتمان المصرفي لزيادة معدلات النمو. وإضافة الى التوجهات السابقة، فإن الإعلان عن الموازنات الخليجية دون عجز تقريبا وفي ظل اعتماد أسعار منخفضة لسعر برميل النفط مقارنة بالأسعار السائدة، فإن ذلك يبعث بإشارات إيجابية مهمة للأسواق وللمستثمرين مفادها أن دول مجلس التعاون الخليجي قد تجاوزت تداعيات الأزمة المالية العالمية في وقت قصير نسبيًا وأنها مقبلة على مرحلة جديدة من النمو والانتعاش.ومع ذلك، فإن دول الخليج بحاجة ماسة لزيادة استخدام موارد الموازنات السنوية وعائدات النفط بشكل عام للإسراع في تنويع مصادر الدخل القومي وتنويع مصادر تمويل موازناتها السنوية، إذ ساعدت الظروف والتطورات في أكثر من مناسبة على تفادي حدوث مستويات عجز كبيرة بسبب إمكانية انخفاض أسعار النفط. ففي بداية العام الماضي تدنت الأسعار الى ما دون 35 دولارا للبرميل، مما كان قد يؤدي الى بروز صعوبات كبيرة أمام تمويل الموازنات الخليجية. وأدت عملية ارتداد الأسعار بصورة سريعة لتتراوح بين 70-80 دولارًا للبرميل الى إشاعة الثقة مرة أخرى في الاقتصادات الخليجية، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة استمرار عملية الارتهان لأسعار النفط، حيث من المؤمل أن تحتل مسألة تنويع مصادر الدخل مركز الصدارة في الأولويات التنموية لدول المجلس في السنوات القادمة.