كثيراً ما يستوقف المارة الغرباء كارينا وايت عندما تسير في الشوارع بالقرب من منزلها وهي تدفع أمامها بعربة صغيرتها فريَّا التي غامرت بحياتها من أجل إنجابها ذلك أن كارينا بالكاد تظهر فوق السطح العلوي لعربة الطفلة مما يدفع المارة بطبيعة الحال لأن يعربوا عن خوفهم وإشفاقهم على تلك الرضيعة التي تُرِكَتْ تحت رعاية طفلة صغيرة. ولا يستبين المارة حقيقة أن كارينا امرأة ناضجة بالفعل وليست طفلة صغيرة إلا عندما يتحققون من ذلك عن كثب بعد اقترابهم منها. ففي واقع الأمر لم يزد طول كارينا على طول طفلة في السادسة من عمرها. وتعد كارينا أقصر امرأة تنجب طفلاً في بريطانيا إذ لا يتجاوز طولها ثلاثة أقدام وتسع بوصات في حين تتناسب بل تتناسق أطرافها تماماً مع بقية أعضاء جسدها مما يجعلها تبدو أشبه ما تكون بدمية الأطفال من حيث المظهر. وفوق هذا وذاك، غامرت تلك المرأة التي يبلغ عمرها 33 عاماً بحياتها لكي تصبح أماً حيث تحدت تحذيرات الأطباء بأن الحمل قد يودي بحياتها. وكان رأي الأطباء يتمثل ببساطة في اعتقادهم بأنه لا توجد مساحة كافية في جسدها الدقيق لتتسع لحمل جنين إلى أن يحين موعد ولادته. بيد أنها كانت مصممة على أن تكون أول امرأة في مثل حالتها تفلح في إنجاب طفل. وها هي تحتفل بعيد الميلاد الاول لمعجزتها الصغيرة. وفي الوقت الحالي، لا تكاد الفرحة تسع كارينا وزوجها بول الذي يبلغ طوله خمسة أقدام وتسع بوصات؛ واللذان لا يعيران كبير اهتمام لنظرات التعجب والاستغراب التي تحدجهما من كل حدب وصوب عندما تسير كارينا وهي تدفع أمامها عربة ابنتها في طريقهما إلى منزلهما في بولتون بمنطقة لانكشاير. وفي واقع الأمر فإن في حيوية كارينا وحماسها ونشاطها ما يجعلها هي وزوجها غير مكترثين على الإطلاق باحتمال أن تكون فريا قد ورثت تلك الحالة النادرة لأمها كارينا، وهي حالة تنجم عن اضطراب في نمو الهيكل العظمي والفقرات. بيد أن فريّا التي يبلغ عمرها سنة واحدة الآن لا يتجاوز حجمها حجم الطفل العادي حديث الولادة. وتعلق كارينا على ذلك بقولها: "ظللنا على الدوام ندرك أن هذا الاحتمال وارد ولكن هذا لا يهمنا البتة ولا يعنينا من قريب أو بعيد وأتمنى ألا يكون هذا هو مصير فريا مستقبلاً. نعتقد -بول وأنا- أن فريا مكتملة تماماً ولا ينقصها شيء بالمرة. وإذ يختلف كل فرد عن الآخر فإنني لا أرى أن قصر القامة يمثل إعاقة". وكان الأطباء قد حذروا والدي كارينا من أنه سوف لن يكون بمقدورها أن تنجب أطفالاً لقناعتهم بأن الحمل قد يودي بحياتها وعندما قاربت مرحلة البلوغ نقل إليها والداها تلك التحذيرات. وتسترجع كارينا شريط ذكرياتها متحدثةً عن ذلك بقولها: "كنت في سن الثانية عشرة عندما سمعت عن خطورة الإنجاب على صحتي وعن ارتفاع احتمالات عدم قدرتي على الحمل. وقتها لم أهتم بذلك كثيراً لصغر سني حيث لم يكن بمقدوري أن أتصور تكوين أسرة بل لم أفكر مطلقاً في أن يكون لدي زوج بأي حال من الأحوال". بيد أن الأمور انقلبت رأساً على عقب في عام 1995م عندما حدث التعارف أثناء أحد الاحتفالات بين كارينا وبول الذي يعمل لدى شركة الكترونيات. وتقدم بول طالباً يد كارينا عندما كانت في سن الحادية والعشرين وذلك بعد عامين من أول لقاء بينهما؛ ثم شرعا في مناقشة موضوع تكوين أسرة. وفي هذا السياق تقول كارينا: "حتى لحظة لقائي مع بول كنت أتقبل فكرة أنه ليس بمقدوري إنجاب أطفال ولكنني بمجرد أن التقيت به بدأت أفكر في روعة أن تكون لدينا أسرة". وخضعت كارينا لسلسلة من الاختبارات التي امتدت لفترة ثلاثة أشهر واشتملت على الكشف على الرئتين لمعرفة مدى احتمالهما للضغط الإضافي بالإضافة إلى الكشف الطبقي بالأشعة المقطعية لمعرفة مدى الحيز المتاح في جسمها لاستيعاب الجنين في رحمها إلى أن يرى النور. وأعرب الأطباء عن مخاوفهم من أن حجم كارينا يعني أن ظهرها قد لا يمكنها من التأقلم مع أحوال الحمل لذا فقد نصحوها باللجوء إلى التبني. إلا أن نتائج الفحص أظهرت أن بمقدور كارينا تجريب الحمل تحت الملاحظة المشددة والرقابة اللصيقة ومع ذلك فإن المخاطر تظل قائمة وأن الحمل حتى النهاية قد يكون ضرباً من المحال. وتزوج بول من كارينا في شهر يونيو 2005م وبدأت محاولاتهما للحمل في صيف عام 2007م وما هي إلا أشهر قليلة حتى أصبحت كارينا حبلى. وأعربت كارينا عن سرورها بأنهما أصبحا فجأة في طريقهما إلى تحقيق ما كانا يتوقان إليه بشدة. ولم يشعر الزوجان السعيدان بول وكارينا بأي ندم على إنجاب فريا التي ورثت مشكلة أمها المتعلقة باضطراب نمو العظام. وقالت كارينا عن ذلك: "من الواضح أنني كنت قلقة لأنه ما من أحد بمقدوره أن يتوقع ما سيحدث إذ أنه لا توجد امرأة في مثل حالتي حاولت الحمل من قبل ولكنني اجتزت جميع الاختبارات الطبية بنجاح ووضعت ثقتي في الأطباء". كارينا تدفع عربة ابنتها