اعتاد مجتمعنا المحلي على السكن في المنازل العربية التي تعتمد على وجود ما يسمى (حوش) أو حديقة المنزل داخل وحدات سكنية في أراض مستقلة؛ إلا أن ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء جعلت المواطنين والمقيمين يتوجهون إلى امتلاك الشقق التي تعتبر الأقل سعراً مقارنة بالمساكن الأخرى وبذلك تعتبر لدى البعض هي الخيار الأنسب لمن يسعى لامتلاك منزل. فئة كبيرة ممن امتلكوا تلك الوحدات السكنية وقفوا عند عيوب عديدة لها فهي تفتقد لوسائل السلامة فلا وجود لمخارج الطوارئ أو كاشفات الدخان ولا غيرها من الوسائل التي يفترض وجودها في أماكن التجمعات البشرية الكبيرة كذلك اشتكى البعض من صغر مساحات الغرف بما لا يتناسب مع البيئة السكنية المناسبة وغياب غرف الخادمات أو السائقين التي قلما يستغني عنها المجتمع السعودي وغيرها من الانتقادات الكثير. (الرياض) استطلعت رأي أصحاب المكاتب العقارية الفئة المطلعة على حجم الطلب على تلك الشقق والوسيط بين صاحب العمارة والمستأجر أو المالك. غلاء غير مبرر في البداية يرى ممدوح العبد السلام خبير في مجال الاقتصاد بجامعة الملك سعود؛ أن الإيجارات مرتفعة جداً وللأسف الشديد أكثر المستثمرين في مجال العقار هدفهم ربحي ولا ينظرون إلى حاجة المواطن لامتلاك سكن الأمر الذي أدى لاتجاه الأسر لامتلاك مساكن هي غير مقنعة أو مناسبة لهم بغية التخلص من الإيجارات المرتفعة.. كما أن الأراضي أيضاً تشهد ارتفاعا في الأسعار غير مسبوق وغير مبرر فمدينة الرياض على سبيل المثال تتمتع بمساحات واسعة غير مستغلة فما الداعي لأن يصل المتر في بعض الأحياء إلى الآلاف. وبخصوص شقق التمليك يتابع العبد السلام: في ظل غلاء قيمة الأراضي ترتفع بالمقابل أسعار المساكن على اختلاف أنواعها ومساحاتها ونخص بالذكر هنا الشقق التمليك التي تتميز في صورتها العامة بعدة مزايا قد لا نجدها في المنازل الكبيرة فعلى سبيل المثال الشقق أكثر أماناً وأكثر سهولة من ناحية العناية والتنظيف والأثاث ،وكذلك أكثر اقتصاداً من ناحية مصاريف الماء والكهرباء والاستهلاك بشكل عام ،إضافة على أنها تزيد مساحة التعارف والتودد بين الناس على الصعيد الاجتماعي.. شقق التمليك من المستجدات على مجتمع المنطقة الوسطى تحديداً على عكس المناطق الأخرى ،وكانت غير مرغوبة حتى وقت قريب حيث تبدلت بعض المفاهيم بما يتناسب مع ضغوط الحياة والغلاء المعيشي والحاجة للاستقرار، ولو راعى المستثمر المواصفات الأساسية الواجب توافرها في المجمعات السكنية التي لا تقل عن 30 شقة أو وحدة سكنية امتثالاً لمواصفات الدول المتقدمة في تلك النوعية من السكن من توفر حديقة خاصة بالمجمع وناد صحي وجلسات خاصة ومواقف سيارات ووسائل أمن من سلالم أمان ومخارج طوارئ وغيرها مما يسد جميع احتياجات المستهلك لأصبحت تلك المباني خير الحلول لامتلاك مسكن؛ ولكن للأسف الواقع غير ذلك حيث إن الكثير من الشقق المعنية تفتقد إلى وسائل السلامة والسبب في ذلك ليس فقط هو عدم اهتمام المالك المستثمر بتوفير تلك النواحي في مبناه ولكن توفير تلك الضروريات من الخدمات سيضاعف لديه التكاليف وبالتالي زيادة السعر والتي يصعب بيعها حيث سيكون سعرها أكثر ارتفاعاً بالنظر إلى غلاء الأرض والمواد وغيرها. أين اتحاد الملاك؟ ويقترح العبدالسلام أن يتوفر في كل مجمع سكني "اتحاد للملاك" والذي تكون من مهامه تخصيص مبلغ لصيانة كل ما يخص العمارة ومتابعة مشاكل المقيمين في تلك المباني وبالتالي يكون الساكن في تلك المجمعات بمأمن عن أي مشكلة قد تصيب سكنه. إلا أن هذا النظام غير مفعل لدينا على حد قوله ويحتاج إلى تطبيق؛ ويستطرد قائلاً " للأسف الفوضى تعم أكثر تعاملاتنا الاستثمارية والسكنية ونحتاج حقيقة إلى أنظمة واضحة وصريحة وتضمن حق المستثمر والمستفيد على حد سواء. ويلفت السيد ممدوح النظر في ختام حديثه إلى أهمية وجود الغاز المركزي في المجمعات السكنية في الشقق بحيث يكون إلزامياً من الدفاع المدني؛ ويقترح استحداث لجنة رسمية من الدفاع المدني وأمانة مدينة الرياض لإجازة السكن في أي مشروع سكني يخضع لوسائل السلامة والمواصفات القياسية التي تناسب حاجة المستفيد. الشقق لا تناسب مجتمعنا في حين يرى إبراهيم الدوسري صاحب مكتب عقار ولديه خبرة في هذا المجال ما يقارب خمسة أعوام؛ أن شقق التمليك لا تحظى بأي إقبال للشراء وأنا شخصياً لا أنصح بشرائها لما لها من عيوب أبرزها صغر المساحة وعدم احتوائها على وسائل السلامة.. وأعتقد أن الإقبال الأكبر عادة ما يكون على الفلل وما يسمى وحدات "الدوبلكس"" ويفيد من واقع تجربته أن المنازل الكبيرة جداً لم تعد مطلوبة نظراً لارتفاع أسعارها الذي لا يتناسب مع متوسط دخل الفرد من مواطنين ومقيمين. ويضيف: من الملاحظ توجه المستثمرين العقاريين إلى ما يسمى بنظام الشقق الأرضية وهي وحدات صغيرة أرضية بمساحة الشقق.. وغالباً ما تكون دورين وملحق في السطح ويرغبها المشترون لأن الأرض للمالك في حين الشقق العادية الأخرى لا يملك فيها مقدار متر واحد من الأرض وإنما مبنى الشقة فقط لذلك الكثير من المستثمرين الآن في الوقت الحالي توجهوا إلى هذا النوع من المساكن وهي وحدات الشقق الأرضية " .. ويعتقد الدوسري أن مهمة شروط الأمن والسلامة في أي مجمع سكني يجب أن تكون مسؤولية أمانة مدينة الرياض والدفاع المدني. مشاريع ناجحة بينما يرى عبد الرحمن الصالح العلي أن شقق التمليك قد أسعدت الكثيرين ممن لا تسمح ظروفهم شراء منزل مستقل وأضاف: لاشك أنها مشاريع ناجحة بالرغم من أن بعضها لا يراعي حاجة المواطن السعودي الذي لا يستطيع العيش في مكان مغلق وصغير ومستقل..ولكن لم تجد بعض الأسر أمامها سوى امتلاك شقق صغيرة هروباً من ضغوط الإيجار. ولا يجد العلي أي مبرر لغلاء وارتفاع أسعار الأراضي الذي أجهد الساعين لامتلاك مسكن خاص في حين يقف الجميع عاجزاً أمام جشع المستثمرين الذي يكون ضحيته المواطن. ويقترح في ختام حديثه أن يتبنى القطاع الخاص إنشاء مشاريع كبيرة تعتمد على توفير مساكن صغيرة وفق مجمعات سكنية تناسب في قيمتها مستجدات القصور المادي الذي يعاني منه غالبية المجتمع.