هاجس المال والربح السريع لدى " الفاضين " من أرباب محطات البث " الفضائي" العربي هو الذي دفعهم إلى الطريقة غير المهنية في اختيارات المذيعات وقارئات النشرات الإخبارية. أشار خبراء الإعلام إلى أن الخطير في الأمر أن القنوات التي تتسلح بمذيعة جميلة لجذب المشاهد تجعل المشاهدين والغالبية العظمى منهم من المراهقين والشباب، ومن يتعطشون إلى النظر إلى وجه امرأة ، ينصرفون عن البرامج الجادة والهادفة إلى البرامج التافهة والسطحية ويركزون على شكل المذيعة وتفاصيل جمالها. والمطلوب كما يقول الخبراء وجود توازن بين الشكل والمضمون، فلا تكون المذيعة جميلة وبعيدة عن الثقافة والنطق الصحيح ، والخبرة بالمفردات وعلامات التوقّف ،وارتفاع أو انخفاض طبقة الصوت ترافقاً مع الموضوع ،ولا مثقفة وغير جميلة .وليكن التوازن بشروط لكي يكون تأثيرها إيجابيا في من يشاهدها. ويجب أن تتمتع المذيعة بثقافة عالية وخلفية معلوماتية عن الموضوعات التي تقدمها وعن الضيوف الذين تحاورهم عبر الأقمار الصناعية وتفاصيل الخبر الذي تقرؤه لكي لا تصبح مجرد قارئة نشرة فقط. فالمذيعة السمراء السودانية الجذور زينه بدوي استقطبتها أكثر من محطة بث تلفزيوني في بريطانيا واستقرت في إل بي بي سي ( الخدمة العالمية ، التي تبث بالإنجليزية ) وبرزت بنشرة الأخبار والبرامج الحوارية . ولكونها خريجة في المهنة من إحدى جامعات بريطانيا ، وتجيد الإنجليزية ، ودارسة للأصوات الكلامية ( الفوناتيكس ) فلم تنظر أيُّ من تلك المحطات إلى لون بشرتها أو نوع ابتسامتها أو طريقة الجلسة . دليلي على ما أقول هو ظهور إعلانات مدفوعة الأجر في نصف صفحة ملونة عن " بشرى " بقرب بث برنامج ما ، في فضائية عربية ، ولا ترى في الإعلان سوى فتاة تبتسم أو تغمز بعينها.. ! ، أما عطاء البرنامج ثقافيا أو وطنياً فليس في الصورة . وهذا يدل على أن أهل تلك الفضائيات في نيتهم جذب عنصرين : هما المشاهد كي يقولوا للمعلن : هانحن نسيطر على قاعدة كبيرة من المشاهدة ، وجدوى إعلانك عندنا مضمونة . وتلك الممارسة لا تجري في أي بقعة من العالم سوى منطقتنا العربية التي ازداد الشبق الجنسي فيها عن غيرها، فاستغلهُ تجار السخف الذين لا يباركون أية إضافة علمية أو ثقافية للوطن ولأهله بل وأجياله . والمؤسف أن طبقة كبيرة من المشاهدين لا يدركون البُعد لهذه الممارسات أو الاستثمارات . أو – ربما – أن دراساتهم المسبقة قالت لهم من الأحسن أن يظل المشاهد جاهلا في أموره الحياتية . وهذا ضمان أبديّ شامل لاستمرار " مشاركاتكم " في هدم الوطن وقيمه بعجزكم عن تقديم المفيد .