لا شك بأن الكثيرين هذه الأيام يتذكرون كلمات المدعو يحيى الحوثي، عندما قال عبر شاشات التلفزيون: إنه وإخوته يفضلون أن تتحول مُحافظة صعدة إلى بحارٍ من الدماء على أن يقبلوا الشروط الستة التي اشترطتها الحكومة اليمنية لإيقاف العمليات العسكرية. اليوم قبلت الحركة الحوثية شروط الحكومة بل شروط الشعب اليمني، وهي صاغرة رغماً عنها وليس كرماً منها.. نعم قبلت الشروط الستة بعد إذعانها بأنها لم ولن تكسب أي مغنم على المستوى الميداني أو السياسي، وإنما ظفرت بكره ومقت الشعب اليمني والسعودي والعربي، لأنها كانت سبباً في استشهاد آلاف الجنود وقتل آلاف من المغرر بهم وتشريد آلاف المواطنين وتجويعهم وتخويفهم. هُناك امتعاض نسبي من قرار إيقاف الحرب الصادر عن رئاسة الجمهورية اليمنية، وهذا الامتعاض وعدم الرضا طبيعي وسببه خوف الناس من عودة الحرب وتكرار مُسلسل الخراب والمآسي مادام مُسببو هذه الحرب طُلقاء ولم يأخذوا جزاءهم الرادع نكالا بما فعلوا.. لكن يجب القول هنا بأن القرار لصالح البلاد في ظل أوضاعه الحالية والتحديات التي يواجهها، فهو مبني على التزام المتمردين بتطبيق الشروط الستة، وليس هناك مبرر لسفك الدماء اليمنية أكثر مادامت قد أُخذت الضمانات اللازمة لعدم تكرار أفعال الحركة الحوثية الشنعاء في حق اليمن وجيرانه. من المؤكد أن الحركة الحوثية ستسعى بعد قرار إيقاف الحرب إلى التقاط أنفاسها بشتى الوسائل والطرق بما فيها تزويد خلاياها بالذخائر والسلاح من منافذ جديدة، وهنا تأتي أهمية مرحلة ما بعد الحرب وهي مهمة مناطة برجال الأمن وحراس الحدود والسواحل وتهدف إلى منع وصول أدنى دعم لهذه الجماعة، فمن الطبيعي والأكيد أنه في حال جفت المنابع التي تُزوّد هذه الجماعة بالسلاح والذخيرة والمال؛ فلن تكون هناك حروب مستقبلية أُخرى وستُجبر الحركة على أن تخوض العمل السياسي السلمي لأنها لا تملك المقومات التي تدفع بها لمواجهة الجيش، وأعتقد أن الحكومة أدركت أهمية هذه النقطة عندما ألقت القبض مؤخراً على أكبر تاجر سلاح في اليمن، أو عندما سمحت للقوات البحرية السعودية الشقيقة بإغلاق المنافذ البحرية التي يمكن من خلالها تزويد الحوثيين بالسلاح. ولكن هذه الخطوات غير كافية ولذا يجب أن توضع إستراتيجية أمنية خاصة تهدف إلى منع وصول الدعم المُستقبلي لهذه الجماعة، إلى جانب استراتيجيات بناء المناطق المنكوبة جرّاء الحرب وإعادة توطين المواطنين. *كاتب وناقد سياسي يمني