لم تمنع الانفجارات العنيفة التي وقعت الأسبوع الماضي علي النجار من الخروج من منزله لارتياد صالون أدبي في شارع المتنبي في بغداد . وجد النجار وهو أستاذ جامعي متقاعد نفسه محشوراً بين 60 آخرين من محبي الشعر والشعراء في صالون أدبي وهو واحد من عشرات الصالونات التي انتشرت في أنحاء المدينة في العامين الماضيين بعد أن انخفضت وتيرة العنف. وقال النجار وهو ينتظر وصول المتحدثين ان هذه الخطوة هي "نتاج للحرية". موضوع الأسبوع كان شاعرا اسمه عبد الوهاب البياتي ، احد مؤسسي الشعر العراقي الحديث. وأضاف "بالطبع ، هناك خوف في المدينة الآن لكن الناس لا يهتمون للتفجيرات" أنا أدرك حجم المخاطرة ولكن ذلك لا يهمني ولن يجعلني حبيس جدران منزلي". لقرون كانت الصالونات تشكل جزءا حيويا من الحياة الفكرية العراقية ، وأماكن يجتمع فيها الناس من مختلف الطبقات أو الطوائف لمناقشة الثقافة والأدب أو الأفكار. في وقت من الأوقات كان في بغداد أكثر من 200 صالون أدبي، ربعها يديره اليهود. ولكن خلال رئاسة صدام حسين ، اضمحلت الصالونات أو اختفت تحت الأرض. الناس كانوا يعترضون على سيطرة الحكومة ولكنهم كانوا يخشون من وجود جواسيس للسلطة. وكانت أديبة عراقية اسمها صفية السهيل قد فتحت أبواب صالونها للمشاركين في أبريل الماضي بعد تحقق شيء من الأمن والسلام في المدينة.ويلتقي رواد الصالون مرة واحدة كل شهر من بعد الظهر حتى حلول الظلام وهو ما لم يكن واردا خلال ذروة العنف الطائفي. ورحبت السيدة صفية ، وهي عضو في البرلمان العراقي وتقود حملة لاعادة انتخابها ضمن قائمة التحالفات الشيعية، بضيوفها الذين كان من بينهم شخصيات سياسية عدة. وقال مجيد حميد العزاوي وهو أحد أصدقاء صفية بأن صالونها الأدبي يضم صفوة المجتمع العراقي لافتاً إلى ان من بين الحشد عدد غير قليل من أعضاء البرلمان والمؤرخين والأكاديميين والمحامين والكتاب. موضوع اليوم في صالون صفية هو الإمام الحسين وابنته زينب وهي شخصيات مؤسسة في التاريخ الشيعي. وتضمن الحشد رجال دين من الشيعة والسنة، ونساء محجبات وأخر غير محجبات وحتى تدخين النساء في هذا الحشد لم يعتبر من المحرمات في الحياة العامة العراقية. الشيء اللافت للنظر في هذه الصالونات هو أن كل شيء مسموح الحديث والنقاش فيه إلا شيء واحد "السياسة". وقال نائب من كتلة صفية الحزبية ان الديكتاتورية اقترنت بالقمع والقهر والحرية بالثقافة ودعا المثقفين لمساعدتهم كتشريعيين في المرحلة المقبلة في ترسيخ قيم جديدة تحل محل تلك التي سادت طوال الخمسة والثلاثين عاماً الماضية من حكم الحزب الواحد. وقالت أثمار شاكر مجيد، مدير وحدة أبحاث المرأة في كلية التربية للبنات بان الصالونات رمز للعراقيين وأنهم أي العراقيون يكررون ما كان يفعله أسلافهم وأنهم يستغلون هذه الصالونات لتعزيز إرادتهم ومواجهة ظروفهم. في صالون شارع المتنبي، دعا النجار الى السماح بالحديث عن السياسة في الصالونات لأن الموضوع في أذهان الجميع. وأضاف النجار بأنه يرى ضرورة استمرار الصالونات لأن" اللغة العربية ولدت في العراق وأن العراقيين قوم ثرثارون للغاية". * (خدمة نيو يورك تايمز)