من أين لك هذا الفقر؟ من أين لك هذا الصبر؟ من أين لك هذا التعفف؟ من أين لك هذه الكرامة؟ من أين لك هذه الأنفة؟ من أين لك هذا الثراء ؟ ابتسم، كنت أسمع ضحكة يداريها في داخله، فشل في كتمانها، سمعت ضحكة تمنيت لو أسأله من أين لك هذا؟ سألني إن كنت شاعراً قلت لا . وأي شعر يرقى إلى ثرائه ؟ - كيف تحسدني إذَنْ ؟ لا يحسد على الثروة إلا الشعراء الذين يرون ما لا يُرى. - ما حسدتك . كنت في شبابي أحلم أن أجمع مثل هذه الثروة ، أن أصعد إلى هذه السموات، لكني لم أصمد ، حاصرتني الثروات ، رأيت ما يفوق الصمود . رأيت في داخلي " إن الإنسان خُلِق هلوعا" ما سألت أحداً قبلك من أين لك هذا . أتدري لماذا ؟ لأني كنت أعرف من أين لهم ذلك، وكنت أغض الطرف وأقول " يرزق الله من يشاء بغير حساب " ، إلى أن فاضت أرزاقهم ولم يعودوا يعرفون ماذا يفعلون بنا وبها . كثيرون منهم لا يعرفون أرصدتهم في البيوت أو البنوك ، وبعضهم لا يعرف في أي البيوت ولا أي البنوك . حاصرتني ثرواتهم وجهلهم ، وكنت أحمد الله أن رزقني بغير حساب ، لكن ثروتي هذه لم تنفعني حين تزوجت وأنجبت مثلهم بغير حساب . تعبت من هذا الثراء الذي أنا فيه ، ولا أريد الثراء الذي هم فيه ، ولم يبقَ أمامي إلا أن أسألك أنت من أين لك هذا؟ أنقذني بثرائك . أنقذني بقصيدة . قرأ عليّ قصيدة لسيدنا الماغوط يروي فيها كيف تهاوت أحلامه في الثراء لأن الخطوة الأولى كانت على الشعر ....