استخدام التكنولوجيا المتقدمة في انتاج (أو بشكل أصح استخراج) البترول هو استخدام ذو حدّين. أحد الحدين حد مفيد، والحد الآخر حد ضار. الحد المفيد: هو استخدام التكنولوجيا لزيادة المعدل النهائي يسمى ال: URR الذي يمكن انتاجه من كمية البترول الكلية الموجودة تحت الأرض تسمى: Oil in place . وهذا هو الحد المفيد لاستخدام التكنولوجيا ألمتقدمة لأنه يؤدي الى زيادة الكمية التي يمكن استخراجها من تحت الأرض وتقليص الكمية المفقودة التي لا يمكن استخراجها من تحت الأرض. الحد الضار: هو استخدام التكنولوجيا المتقدمة لزيادة معدل الإنتاج في اليوم يسمى ال:bpd من أجل اشباع الطلب المتزايد بشراهة على البترول مجاملة (أو خضوعا) للآخرين. وهذا هو الحد الضار لاستخدام التكنولوجيا المتقدمة لأنه يؤدي الى استنزاف الكمية المحدودة الموجودة تحت الأرض في مدة زمنية قصيرة وبالتالي يقصّر عمر البترول. الاستخدام الأول (أي المفيد) للتكنولوجيا لا يتعارض مع الاستغلال الأمثل للمورد لأنه يؤدي الى الاستفادة من التكنولوجيا للوصول الى المواقع الصعبة للبترول والحصول على تقديرات أكثر دقة لكمية البترول الموجودة في الموقع واتباع طرق وآلات تناسب تركيبات الأرض والمحافظة على سلامة الحقول وتماسك الآبار وعدم تسرب البترول من مكامنه فتزيد الكمية النهائية المستخرجة وبالتالي يرتفع معدل الاستخراج النهائيultimate recoverable rate فمثلا بدلا من أن يكون معدل الاستخراج النهائي 30 % (المتوسط الحالي للعالم) يزيد المعدل فيصبح 70 % وربما أعلى في بعض الحقول. مثال: نفترض أن الكمية الكلية الموجودة في الموقع هي مليار برميل. فإذا كان معدل الاستخراج النهائي (URR) هو 30 % فإن الكمية المنتجة ستكون 300 مليون برميل وستبقى (أي تضيع) 700 مليون برميل تحت الأرض. بينما لو أمكن باستخدام التكنولوجيا رفع معدل الاستخراج الى 100 % فإن الكمية المنتجة سترتفع الى مليار برميل وستنخفض الكمية المفقودة الى الصفر. الأستخدام الثاني (أي الضّار) للتكنولوجيا يتعارض مع الاستغلال الأمثل للمورد لأنه يؤدي الى زيادة ألأنتاج أليومي (مستغلين ما نسميه تكنولوجيا متقدمة متجاهلين نداء الآبار) وفجأة نجد أن الآبار قد نضبت بدون سابق انذار بينما (وفقا لما تعلمناه من تجارب الماضي) أنه يوجد صمام أمان طبيعي لحماية المورد الناضب فبمجرد زيادة الانتاج بأكثر من طاقة الآبار تبدأ الآبار بإرسال تحذيراتها الأولية فإذا لم يخفّض الإنتاج تبدي الآبار غضبها فتتفجّر الأنابيب وتشتعل النيران فيضطر المنتج الى التقيد لنداء الآبار. مثال: نفترض أن كمية البترول الكلية الموجودة في الموقع Oil in Place هي: (ص) مليار برميل. فإذا بدأنا الإنتاج اليومي bpd بمعدل سنوي قدره 1 % فإن عمر البترول الاقتراضي في سنة بداية الإنتاج سيكون 100 (مائة) سنة. بينما لو استطعنا استخدام التكنولوجيا أن نبدأ الإنتاج اليومي بمعدل سنوي قدره 10 % فإن عمر البترول الاقتراضي سينخفض الى 10 (عشر) سنوات فقط. يلاحظ: المثال للتبسيط يفترض استخدام تكنولوجيا متقدمة جدا تستطيع التغلب على تأثير الذروة Peak وتحافظ على ثبات مستوى كمية الانتاج Plateau طوال عمر المورد. كما أنها تستطيع أن تستخرج كل الكمية الموجودة في الموقع. الدرس المستفاد: يجب أن نعرف أنه من المستحيل مهما تقدمت التكنولوجيا أن تستطيع زيادة الكمية الكلية الموجودة في الموقع Oil in place ولا حتى برميل واحد وهذه البدهية رغم بداهتها لايزال لم يستوعبها الذين يتفاخرون بأننا سنستخدم التكنولوجيا المتقدمة لتلبية زيادة الطلب العالمي على البترول بينما يتناسون أنهم سيقصفون عمر البترول بسوء استخدام التكنولوجيا. * رئيس مركز اقتصاديات البترول (مركز غير هادف للربح)