نجاح أي معرض أو مناسبة يكمن في عدد الزوار ومستوى التفاعل، وفي اعتقادي -وأنا أزعم أنني من رواد المعارض والمؤتمرات- أن المعرض الدولي للتعليم العالي الذي نظمته وزارة التعليم العالي في مدينة الرياض هو واحد من أنجح التجمعات الدولية المتخصصة التي شهدتها بلادنا. الكثير من الزوار أبدوا انبهارهم بمستوى التنظيم المحترف للمعرض والفعاليات المصاحبة، لكني لم أجد أن ذلك أمرا مستغربا على وزارة ينتسب إليها نخبة النخبة وتدرس القواعد العلمية والمعيارية لتنظيم المناسبات في عدد من تخصصاتها العلمية فكيف لا تنظم وتدير مناسبة بهذا المستوى. وعندما نثني على القائمين على المعرض يلتفتون في تواضع جم إلى فئة الشباب الذين أسهموا بدور مهم في نجاح المعرض يحيلون إليهم الفضل في النجاح، فتشعر بذلك التناغم الجميل بين الخبرة والحماس اللذين أديا إلى هذا التميز الباهر للمناسبة. الرائع حقا في ذلك المعرض هو تلك الوجوه الشابة التي أقبلت بنهم على الأجنحة والفعاليات، وتلك الأسئلة النوعية التي تسمعها من هذا وتلك حول الجامعات والمحاضرين، وتستوقفك الطوابير الطويلة حول أبرز الجامعات العالمية من الزوار مما يطمئنك إلى أن بلادنا تخطو بخطوات نقول بدون تحفظ بأنها تسبق محيطها الإقليمي والعربي في مجال التعليم العالي. مشاهد لأبنائنا وبناتنا يتحركون في كل الزوايا وبين كل الأجنحة وبوصلة الأمل توجه خطواتهم والثقة بالمستقبل تستحث هممهم للبحث عن المزيد والأفضل. وإذا كان من سبب وجيه لذلك التغير النوعي في توجهات الشباب فإنه برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي أحدث اختراقا مهما في عقليات الشباب وكسر الأنماط المتعارف عليها من أن الابتعاث حلم بعيد المنال تحتكره فئات بعينها ليكون في متناول الجميع من أبناء الوطن أيا كانت مواقعهم على خارطته. وزارة التعليم العالي بدعم من ولاة الأمر تصنع المستقبل، وسوف يكون لها في سفر التاريخ صفحات من الإنجاز لا يمكن تجاوزها، وفي ظني أن الوزارة التي لا تغيب عنها الشمس تعبر بالوطن نحو آفاق جديدة من التعليم القائم على الجودة، وهو ما يعني مسارات جديدة للتنمية والموارد الاقتصادية القائمة على البشر والمعرفة، وذلك نهج يرسخ مفهوم التنمية المستدامة التي تقوم على العنصر البشري المؤهل بدلا من الثروات الطبيعية الناضبة. ونجاح المعرض الدولي للتعليم العالي كان أيضا ثمرة وجود المسؤول الأول على رأس فريقه يتابع ما يجري لحظة بلحظة، فقد كان معالي الدكتور خالد العنقري ونائبه الدكتور علي العطية موجودين في المعرض قبل افتتاحه بيومين، وكانا يداومان يوميا في مقره، ويشاركان في توقيع الاتفاقيات، ويضفيان على المعرض أهميته التي يستحقها. كان ذلك المعرض الدولي للتعليم العالي في نسخته الأولى، وقد حجزت أعداد كبيرة من الجامعات في نسخته الثانية العام القادم، وعلو همة الوزارة أن تكون الجامعات المشاركة ضمن أفضل 500 جامعة عالمية، والأمل أن يتحول إلى مركز تسوّق للمهتمين بالتعليم العالي في الخليج والمنطقة فيما يخص الاتفاقيات والشراكات في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. لقد أثبت شبابنا وشاباتنا سواء من منسوبي الجامعات السعودية المشاركة أو من زوار المعرض أنهم فئة تسمو بأخلاقها وسلوكها فوق الشبهات، وأنهم ركن شديد في بناء الوطن.