حتى وهو يضرب أصعب الأرقام، ليتوج نفسه بطلاً للدوري قبل نهايته بثلاث جولات كأول فريق يفعل ذلك طوال تاريخ الدوري السعودي، لم يسلم الهلال من لغة التشكيك التي مارسها ولا زال يمارسها (المشككاتية)، الذين دأبوا على الغمز في قناة كل منجز أزرق، وتفرغوا لنسج القصص للتأثير على عقليات البسطاء، فحينما لم يجدوا ما يعلقوه على مشجب الحكام، أو على جدران لجان اتحاد الكرة، لم يكن أمامهم إلا نسج فكرة أن تميز الهلال لم يتأت لتميز في مستواه، ولا لتفرد في نتائجه، وإنما لتراجع مستوى منافسيه. لقد حاكت جوقة الرادحين هذه المعزوفة النشاز، بغية التشويش على سيمفونية المنجز (الأزرق)، والتقليل من قيمتها، والتنغيص على المستمتعين بها؛ يقيناً منهم أنهم سينجحون في إثارة الضوضاء في الوسط الرياضي، كما نجحوا في ذلك غير مرة، كيف لا ونحن لازلنا في زمن تأجير العقول، واستلاب الوعي؛ ولذلك فلا عجب أن يبقى هذا الفكر المريض مستشرياً في جسد رياضتنا، فمن لم تردعه وطنيته، ولم تصده أخلاقياته عن التشكيك في منجز عالمي يسجل باسم الوطن بحجم منجز (نادي القرن) فكيف به سيرعوي من إثارة الغبار أمام منجز محلي، حتى وإن تحقق عبر إبداع لا مثيل له، ونتيجة غير مسبوقة. إن مما يثقل النفس ويحزن القلب هو ركون البعض لمثل تلك الاطروحات التشكيكية بما فيها من سخف واضح، وكاريكاتورية فجة بتصديقها والتناغم معها، فإذا كان ذلك مبرراً في عقود خلت، فكيف سيبرر اليوم ونحن في زمن القرية الكونية، أقول ذلك ليقيني بأن هذا الجيل محظوظ بالتقنية التي ينبغي أن يوظفها في تحرير فكره من أغلال تلك العقليات الصدئة. نحن - ويا للأسف - أبناء جيل خرج إلى دنيا الرياضة فوجد نفسه وسط عاصفة من الأفكار الرياضية المتطرفة، والاطروحات الإعلامية المتناقضة، إزاء كل ما هو هلالي، سعياً لزعزعة قناعات محبيه فيه، وتحييد الراغبين في ركوب موجته، فكان أن سيجت حوله الشائعات، وزرعت في طريقه الأكاذيب، حتى لم تترك مثلبة إلا ورمي بها، ولا عيباً إلا وقذف به، وليس سراً القول بأن ثمة من كان يعبئ الوسط الرياضي ويغذيه ضد الهلال بمزاعم تسببت في تلويث أفكار ذلك الجيل، فقالوا عنه نادي الحكومة، وصديق الحكام، وصاحب البطولات المختطفة، ومنتج اللاعبين الورقيين، كل ذلك من أجل إشاعة ثقافة الكراهية ضد كل ما هو هلالي، ولذلك فلم يكن غريباً أن تثار الشكوك بعد كل منجز يحققه، وأن يطال التقليل أي نجم يبرز في سمائه، فلا البطولات المحلية اسكتتهم، ولا انجازاته الخارجية ألجمتهم، ولا نجومه الذين سطروا ملاحم الإبداع حالوا بينهم وبين تلك الحملة الشعواء. ورغم كل تلك الحرب الطاحنة، والهجمة المسعورة بقي الهلال زعيم الكرة السعودية، وسيد القارة الآسيوية، لا ينافسه منافس، ولا يقدر على زعزته مزعزع، وهو ما يجعل السؤال بذات الحجم لماذا لم يسقط الهلال، رغم كومة الحجارة، والجواب ببساطة: لأن الهلال ظل ماضياً يفتش عن الانجازات، ولم يبقَ إلا هم وتلك الحجارة!