ماذا لو اختفى عامل النظافة هكذا فجأة، كيف ستكون حالنا ؟؟ سؤال أطرحه كي أُلفت النظر نحو أحد العناصر البشرية المُهمة والفاعلة في حياتنا لكنهُ شبه مُهمل، يعمل كل يوم منذ الصباح الباكر لننعم بشوارع نظيفة لا قذارة ولا أوساخ فيها ومع هذا أعتقد بأنه أقل الناس أجراً، وللأسف عند بعض الأمم أقلهم قدراً. أنا حقيقةً لا أعرف كم مُرتّب عامل النظافة في أمريكا أو هولندا أو سيئول ولكني أكاد أُخمّن مقدار راتب عامل النظافة في بلادنا أو في مصر من خلال تسولهم الناس، فالعامل لدينا (وهو في الغالب وافد) حين يُشاهد المواطن السعودي يبادر برفع يده للتحية وهو في الواقع يستجدي ريالات يأكل منها ويبعث للأفواه الجائعة هُناك في بلده ، أما عامل النظافة المصري فهو يُسارع لكنس المكان الذي يخصّك حينما يراك وهو هناك يعتمدُ في دخله على ما تجود به الأيدي فهل هذا هو الجزاء الذي يستحقه ؟؟ يُقال بأن بعض الشركات الكُبرى التي ترسو عليها عقود النظافة بمبالغ ضخمة في بلادنا تتأخر بالأشهر عن دفع مرتبات عُمال النظافة (الضئيلة) فكيف يمكن المُطالبة بشوارع وأزقة نظيفة والعُمّال يُعانون من البؤس والجوع، أذهانهم مشغولة بأهلهم في أوطانهم البعيدة ثم أين الإنسانيّة من فعلٍ كهذا ؟؟ أين الأمانات ومكاتب العمل ؟؟ إن المجتمعات من حيث الاهتمام بالنظافة البيئيّة تتوزع حسب ظنّي إلى ثلاث مراتب، الأولى: تلك المجتمعات المتقدمة التي لا يُمكن أن يُلقي فيها السكّان نفاياتهم في الشوارع، حتى المناديل الورقية وأعقاب السجائر وما في حُكمهما لا يمكن أن تُلقى من نوافذ السيارات لهذا فهم لا يحتاجون لعامل نظافة يكنس الشوارع فهي نظيفة على الدوام، يضع السكّان نفاياتهم مساء في الحاويات المخصصة لكل نوع فالزجاج لهُ لون مختلف عن البلاستيك والورق لهُ لون آخر وذلك من أجل القيام بعمليات إعادة التصنيع(التدوير). المرتبة الثانية من حيث الاهتمام بالنظافة هي المجتمعات التي تقوم فيها البلديات بجمع النفايات من الحاويات وفي الوقت نفسه تُخصص عُمال نظافة تجمع ما يُلقيه الناس بكل استهتار في الطرقات والشوارع والحدائق العامة من نفايات لهذا ترى المُدن في تلك المجتمعات نظيفة في جُزء من النهار قذرة في بقيّتهِ. المرتبة الثالثة : تلك المجتمعات التي تتكدس النفايات في شوارعها وأزقتها أياماً دون رفعها مما يولد الروائح الكريهة هذا غير انتشار الأوبئة والأمراض، وهنا يعجز عامل النظافة المسكين فعل أيّ شيء عدا تكديس مزيد من القمامة على القمامة ولسان حاله يقول " من يقتلك لا حاجة بهِ إلى جعلك تتألم ".