أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعيا فضيلته عدم الانتقاص والتسفيه بمن يدعو وينصح محذراً في التشكيك في النوايا والمقاصد على اعتبار انها إرهاب فكري والنصح تمرير للتطرف . وقال في خطبة الجمعة يوم امس في المسجد الحرام إن ما يجري من حوادث ونوازل وآيات ومثولات لا تملك لها البشرية رداً ولا تستطيع دونها صداً مشيرا أن من الغفلة والجفوة أن تصرف مقاصد الواعظين ونصائح الناصحين وتذكير المذكرين إلى لون من الانتقاص أو التسفيه او التشكيك في النوايا او المقاصد و أن الاشد والأنكى أن يوصف الواعظ بأنه إرهاب فكري والنصح بأنه تمرير للتطرف والفكر المتطرف واوضح فضيلته أن الغفلة تزداد وتشتد في القلب قسوة وتعظم في الدين الجفوة حين يوصف التذكير بالله والتحذير من عقابه بأنه توظيف للدين واستغلال للنصوص . واشار امام وخطيب المسجد الحرام أن الجهل وصل إلى الجفوة وقسوة القلب وقال فضيلته إن الوعظ توظيف للدين والتذكير وإعمال للنصوص واستعمال لها لان الدين هذا منهجه وكما أن نصوص الشرع لم تأت بهذا وهذا . واكد فضيلته أن الدين كله هو التزام بالسراء والضراء واستحضار النصوص والاستشهاد بها في حال الرغبة والرهبة . واضاف أن الدين والتدين التزام وسلوك وتمسك في جميع الاحوال ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) . وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن الله عاتب اقواماً ممن جاءتهم الايات والنذر ثم لم يستفيدوا ولم يتعظوا ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ). وأشار الشيخ ابن حميد إلى أنه كان في العهود القريبة الماضية ابتليت الديار بسنين من الشدة وسنوات من الفقر والقلة واحوال من الضعف والخوف والتشرد . وقد كان الناس في ايمانهم احسن حالاً وبربهم أكثر اتصالاً ثم ابدل الله الخوف أمنا والفقر غنى والفرقة اجتماعاً ولكن بعض الناس نبتت فيهم نوابت ونشأت فيهم فئات لما توالت عليهم النعماء وانتشر فيهم الرخاء فظهرت فيهم الغفلة فنسبوا النعم إلى غير موليها فتوجهوا بالشكر إلى غير مسديها فكان فيهم من كانت دنياه على حساب دينه وفيهم من يتبع الشهوات ويأكل ألوانا من الحرام والباطل وفيهم من يستحل الاموال العامة بأدنى الحيل وارتقى افراد على أكتاف عامة الضعفاء . واضاف فضيلته أن ذلك صاحبه في غفلة عن ايات الله وسننه في كونه وما يرسله من آيات ونذر وتخويف واعتبار وتذكير وادكار . وطالب امام وخطيب المسجد الحرام بالاهتمام والحذر والمبادرة إلى التوبة والرجوع والاتعاض لا سيما مع مظاهر التقصير والغفلة وتوافر النعم وظهور بعض المنكرات لقوله تعالى ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) وبين فضيلته بان التحذير من المعاصي والانذار من المخالفات هو ليس رمياً للأمة بالفسق ولا جزماً باتهام أقوام بالتقصير وإنما اذا حلت المصائب باهل الاسلام وديارهم فإنهم مع ما ينبغي من الحذر والخوف مطالبون بالمسارعة للتوبة فإن الاكيد عند اهل العلم انه كل ما يأتي من البلايا والعقوبات إنما هو ابتلاء وتمحيص،ومنها ما هو رفع للدرجات وتكفير للسيئات، ومنها ما هو امتحان بالرضى والتسليم والايمان بأقدار الله المؤلمة . واضاف الشيخ ابن حميد أن ابن آدم خطاء غنيهم وفقيرهم وصالحهم وفاجرهم ذكرهم وانثاهم لكن بعضاً من الناس لا يرى من الاخطاء والتقصير إلا بعض الذنوب الشائعة او الذنوب المستحدثة الطارئة من شيوع الفواحش واشاعتها مثل الربى والكوارث الطبيعية والزلازل والفيضانات لكنهم يغفلون عن ذنوب وآثام لا تستوقفهم ولا ينتبهون لها لكثرة ملامستهم لها وملابستهم إياها من العقوق وقطيعة الرحم والحسد والرياء والغش والكبر وعضل النساء والكذب والنميمة واكل اموال اليتامى وحقوق المستضعفين وانواع من الظلم والتجاوزات كما يعجز هؤلاء المقصرون والغافلون عن أن يروا آثار تقصيرهم من الحروب والامراض والذل والضغف والاخذ بالسنين والازمات الاقتصادية في آثار لا تخفى ولا تحصى ، ونوه إمام وخطيب المسجد الحرام أن من الحكم الالهية سبب للكوارث ولكنها ليست كل الاسباب مؤكدا أن نظرة المؤمن للكوارث والاحداث ومتغيرات الكون ارضها وسمائها انما هي نظرة ايمان وتوحيد وعبادة تجمع بين تسليم الاقدار والرضى بالمقادير والاخذ بالأسباب وكل ما يجري بقدر الله وإرادته.