هناك عدة أهداف رئيسية تتكرر في خطط التنمية المتعاقبة منذ عشرات السنين وبعضها لم يتحقق حتى الآن بالشكل الصحيح ولو بالحد الأدنى، وأهم هذه الأهداف ذات العلاقة بالاقتصاد ثلاثة أهداف لا يختلف على أهميتها أحد هي: التنمية الإقليمية المتوازنة، تخفيف الاعتماد على النفط، القضاء على البطالة. ومن المهم أن نسأل لماذا لم تتحقق هذه الأهداف، والأهم من ذلك أن نجد الحلول العملية والشاملة حتى تتحقق. ومن أسباب التعثر أو البطء في تحقق هذه الأهداف عدم وجود جهة واحدة هي المعنية "عمليا" بإدارة الاقتصاد الوطني أو برصد الحراك الاقتصادي كمنظومة متكاملة وتقييم وتقويم هذا الحراك بصورة مستمرة بما يحقق الأهداف التنموية بصورة فعالة انطلاقا من تحديد الرؤية إلى رسم السياسات وخطط تنفيذها وانتهاء بمتابعة التنفيذ من قبل الجهات ذات العلاقة كل فيما يخصه (ونحن هنا لا نتحدث عن سياسات الدولة المالية والنقدية فقط فهذه مجرد جوانب من الاقتصاد الوطني الذي يشمل العديد من الجوانب الأخرى). مع وجود تنافر وتعارض، أو في أحسن الأحوال عدم وجود انسجام وتكامل، في عمل الجهات ذات العلاقة (المجلس الاقتصادي الأعلى، وزارة المالية، وزارة الاقتصاد والتخطيط، وزارة التجارة والصناعة، وزارة العمل، وغير ذلك من جهات حكومية فضلا عن الجهات الممثلة للقطاع الخاص). إن من الضروري تكليف جهة محددة بأن تدرس وتتابع عن قرب بطريقة منهجية شاملة حركة النشاط الاقتصادي في المملكة بما يخدم الأهداف التنموية، من خلال التركيز على الأنشطة الإنتاجية والأنشطة التي توفر فرصاً وظيفية ملائمة لأبناء وبنات الوطن، وتسهم في التنوع الاقتصادي، وتنمية المناطق الأقل نموا، وذلك عبر سياسات وطنية شاملة في منح الحوافز والقروض وفي تنظيم سوق العمل وفي إصدار الرخص والسجلات وغيرها من سياسات لا تجعلنا نستمر طول العمر نعتمد على النفط فقط كمصدر دخل، ولا تجعل ثلاثة أرباع الشركات والمؤسسات القائمة في المملكة تعمل في مجالات المقاولات وتجارة الجملة والتجزئة والعقار. ويمكن تفعيل دور الأمانة العامة للمجلس الاقتصادي الأعلى ودعمها بكافة الإمكانات البشرية والمادية لكي تقوم بهذا الدور، أو تشكيل لجان خاصة ترتبط بمجلس الوزراء للقيام بذلك، أما بقاء الوضع على ما هو عليه فيعني بقاء تلك الأهداف الثلاثة الجوهرية في كل خطة تنمية دون أن تتحقق على أرض الواقع.