لم يكن الحديث عن التمكين في المنظمات العربية عامة ومنظمات الأعمال في المملكة خاصة أمراً مستغرباً للبعض أو موضوعاً سابقاً لأوانه إذ لا يزال البعض يرى أنها لم تغادر نظرية التفويض بعد.. لكن المتأمل للواقع يدرك أن الإيمان بمستقبلية التمكين قد ظهرت بوادره على الواقع من قبل المنظمات السعودية وما الملتقى للجمعيات الخيرية في المملكة والذي اقامته جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية ببريدة بعنوان (من الخيرية الى التمكين) إلا أن أولى بوادره والذي افتتحته صاحبة السمو الملكي الأميرة نورة بنت محمد آل سعود نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وذلك بإشراف مديرة الجمعية الخيرية الأستاذة الجوهرة الوابلي، وقد جاء الملتقى في ضوء الحاجة إلى الاستفادة من الطاقات المهدرة والتي تعيش عالة على المجتمع لكي لاتنتظر الهبات والمساعدات تأتيها بل يتم تأهيلها وتدريبها ودعمها مادياً ومعنوياً ليكون لديها الدخل الثابت فهن الأقدر على تلمس احتياجات المجتمع لاحتكاكهن المباشر بالمجتمع ومعرفة متطلباته. أكد تقرير التنمية البشرية لعام 2000 الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بأن النساء يشغلن ما نسبته 3، 5% من جميع المقاعد البرلمانية في البلدان العربية مقابل 4، 2% في شرق آسيا. (دون الصين) و8، 4% في أفريقيا و12، 7% في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي و12، 9% في بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي و21، 2% في الصين وشرق آسيا وهذا يبين بشكل لا يحتمل الشك تدنيًا واضحًا في مشاركة المرأة العربية في المساهمة في التنمية السياسية والاجتماعية، على الرغم من أنها تشكل نصف المجتمع، ولا تتنافى مشاركتها مع قيم ومبادئ المجتمع، فقد كانت السيدة عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، من أكبر المشاركات رضي الله عنها في رواية الحديث ونقله للمسلمين، عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهنالك مشاركات لنساء عربيات ومسلمات عبر التاريخ الإسلامي (لا يتسع المجال للحديث عنها) شاركن في التنمية المجتمعية والسياسية والاقتصادية. وقد أكد القريوتي (2004) في بحثه الميداني أهمية مشاركة المرأة وتوفير فرص أكبر لمشاركتها في الوظائف القيادية، حيث إنه لم يجد علاقة بين الجنس وبين التمكين، أي لا يوجد ما يعيق مشاركة المرأة واختلاف قدراتها في المشاركة والتمكين عن الرجل. ويؤكد أنه ليس هناك أساس علمي أو أخلاقي لاستمرار تحجيم المرأة ومنعها من تقلد مناصب قيادية أو إدارية أو على الأقل حرمانها من المشاركة في حرية التصرف والمشاركة في الرأي واتخاذ القرار. وفي هذا السياق أود أن أوضح الفرق بين التمكين والتفويض حيث أنني وجدت الكثيرين ممن يخلطون بين التمكين والتفويض فسوف أذكر أهم الفروق فيما بينهم، في التمكين يتم تحديد مايحتاج إليه الموظف لكي يبدأ العمل بينما في التفويض يتم تحديد مايحتاجه الرئيس من الموظف، وفي التمكين يعطي الرئيس الأهداف والقواعد العامة للعمل بينما في التفويض نجد أن الرئيس يفرض رأيه على الموظفين، وفي التمكين نجد ان المعلومات تتم مشاركتها بين الموظفين بكل يسر بينما في التفويض لا يتاح للموظف إلا قدراً قليلاً من المعلومات والتي تساعده فقط على انجاز المهمة، ونجد في التفويض النتائج تكون من نصيب الرئيس بينما بينما التمكين تكون النتائج من نصيب الموظف فإن كانت جيدة فالحوافز له وإن كانت سيئة فالعقاب عليه، ونجد أن التمكين يعتبر إستراتيجية مستمرة وفلسفة إدارية لدى المديرين، بينما التفويض يعتبر مهمة مؤقتة يتم إلغاؤها الرئيس في أي وقت أو تعديلها أو زيادة حجمها او تقليله، ومن ضمن الفروق أيضاً نجد أن التمكين توطين للثقة بين الرئيس والموظف بينما التفويض قد لايقوم على الثقة، ومن وجه نظري أرى أن التمكين دائماً مايصب في مصلحة الموظف بينما التفويض يصب في مصلحة المفوض (الرئيس) من حيث تخلصه من بعض المهام بينما التمكين يعمل على تأهيل الموظف وتمكينه من آداء العمل بكفاءة والحصول على الحوافز. وختاماً.. يدرك القائمون على المنظمات الحكومية والأهلية أنهم قادمون على مرحلة جديرة بالاهتمام وأن استراتيجية التمكين لم تعد مسألة نظرية يتم تنقاشها على مستوى أكاديمي بعيدا عن ميدانها التطبيقي بل تبشر مرحلة قوامها التكامل والوحدة وتقاسم الأهداف والنتائج. *ماجستير في إدارة الأعمال