أكد الشيخ الدكتور إبراهيم بن عبدالله الدويش أن جيل الشباب يعيش على مفترق الطرق ويعاني أزمة ثقة مع جيل الكبار الذين سيطروا على الكثير من المؤسسات والأماكن والمناصب والجهات حتى لم يدعوا للشباب مكاناً، فأصبح الكثير لا يكاد يجد له مكاناً رغم إبداعه وقدراته , مشيرا إلى أن جيل الآباء لم يستخدم المفردات المناسبة في الحوار ومنها " أين كنت ؟ , هل فعلت كذا ؟ , لماذا فعلت ..؟ " وهذه تسمى أدوات جريمة تعدم شخصية الطرف الآخر , مستدلا بحوار النبي صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي طلب الإذن بالزنا بحضرة الصحابة، فلما زجره الصحابة نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وناداه وقربه وحاوره وتدرج معه في الحوار حتى أقنعه، ولم يكتف بذلك بل زاد بعد ذلك لمسات نبوية تربوية كريمة حيث وضع يده على صدره ودعا له بتحصين الفرج وطهارة القلب، فانصرف الشاب وقد اقتنع في جلسة واحدة. جاء ذلك خلال محاضرة له بعنوان " فن التعامل مع الشباب " قدمها الدكتور فهد السنيدي، وذلك على هامش مؤتمر الأوقاف الثالث الذي نظمته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. وعدد الدكتور الدويش ستة أركان لبناء الشخصية هي البناء الفكري والبناء الإيماني، والعلمي، وبناء الشخصية الاجتماعية وبناء الشخصية المهنية، وبناء الشخصية الصحية، وقال: بعض الشباب قبل صلاحه واستقامته يكون رياضيًّا وذا جسم صحي وإذا انتسب إلى الصلاح والخير تغير مظهره تماماً. وأكد على أن الشاب هو من يصنع نفسه ومتى كان الشاب حريصاً على بناء شخصيته ووضوح مستقبله كان بيده تحديد مساره من الآن، وقال: إن أكثر من كان بين ظهراني النبي صلى الله عليه وسلم هم فئة الشباب، ولذلك استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يصنع من ذلك الجيل جيلاً قيادياً فريداً، وعلينا في مثل هذه الأزمنة المتأخرة وكثرة المؤثرات والانشغال عن الأصل الأول في تربية الأجيال القرآن والسنة أن نرجع إلى ذلك المصدر الأول لنرى كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي ذلك الجيل، وإننا لنقف مدهوشين حين الوقوف أمام سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الشباب من وجهين: في عظمة تعامله صلى الله عليه وسلم وفي غفلتنا عن هذا المنهج النبوي التربوي. وأضاف أن الركيزة الأولى في التعامل مع الشباب هي البيت والأسرة، والشباب لم يقفوا مكتوفي الأيدي فقد فجروا الإبداعات والطاقات رغم تخلي المربين عنهم. وقال الدويش إن التربية تحتاج إلى الرفق والشفقة لا إلى العلم فقط وربما اتهم الشباب من قبل بعض الآباء والأمهات وصناع القرار وأساتذة الجامعات ونسمع إسقاطات على هذا الجيل بأنه متمرد ولا يطيع، وأقول: ارحموه فهو يعيش في ظل صراعات وصدمات حضارية متتالية، فهذه قلوب بيضاء ربما تفتحت على مكر ونفاق عالمي، ولا تسمع سوى عيب ولا يجوز بصراخ وتأنيب، فكيف نريد أن ينهض الشباب بالوطن والأمة إذا كانت هذه هي نظرتنا للشباب. وتطرق الدويش إلى عدد من الطرق في فنون التعامل مع الشباب، وذكر منها استثارة هممهم ولفت انتباههم إلى قدراتهم ومواهبهم، وضرورة احترام الشباب وتقديرهم في التعامل معهم، و استخدام فن الإقناع بالحوار مع الشباب، واعتماد الثقة بالشباب من الجنسين وسيلة وفناً للتعامل , وإتاحة الفرصة لهم في التعبير عن ذاتهم. وحذر الدويش من سياسة الكبت والإهانة وتحطيم الذات والمعنويات وقال إنها تقتل الشباب، وتقتل الإحساس بالكرامة , مؤكدا على ضرورة مراعاة النواحي النفسية لدى الشباب، مثل تقبيل الشاب أو ضمه أو وضع اليد على كتفه والمسح على رأسه وغيرها من الحوافز المادية والمعنوية والثناء على الشباب والمناداة بالكنية لرفع الهمة. وقد شهدت المحاضرة عدة مداخلات من الحضور في القاعتين الرجالية والنسائية.