أكدت الدكتورة وفاء عبدالله المزروع عميدة الدراسات الجامعية للطالبات في جامعة أم القرى، أن جميع المدارس التي أنشئت في التاريخ الإسلامي كانت تعتمد على الوقف رغم تنوعها من حيث الحجم والإمكانات، وكان التعليم مجانياً ولمختلف الطبقات بصرف النظر عن مستواهم من حيث الغنى والفقر وكانت بها أقسام داخلية للغرباء تتوافر لهم فيها الحاجيات الأساسية كلها. كما أشارت المزروع في بحثها (الوقف خلال العصر العباسي الأول وأثره على الحياة العلمية) إلى دور الوقف في نهوض المؤسسات الاجتماعية بأعمالها والكشف عن التاريخ الحضاري للأوقاف وأثرها على الناحية العلمية في الدولة الإسلامية. ثم أشارت إلى بعض أوقاف الصحابة من حيث تحديد أعيانها وأماكنها وإلى نمو الوقف في العهدين الأموي والعباسي الأول وما أسهم به الوقف من دور بالغة في التقدم الحضاري للمجتمع الإسلامي في العصر الأموي وخصوصا وقف الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان على قبة الصخرة ووقف الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك على المسجد النبوي بالمدينة المنورة وتشييده للجامع الأموي بدمشق وأوقاف الحرمين الشريفين في العصر الأموي. وتطرقت المزروع إلى أوقاف الخليفة أبو جعفر المنصور على ساكني الحرمين الشريفين وعمارتهما, وإلى أوقاف الخليفة المهدي على توسعة الحرم المكي الشريف وبناء القصور في طريق مكة والكوفة، وحفر نهر بواسط وإحياء ما حوله من أرض ووقفها على الحرمين الشريفين. كما أشارت الباحثة إلى أوقاف الخليفة الهادي والخليفة هارون الرشيد والخليفة الأمين والمأمون والمعتصم بالله والواثق بالله, ووقف عين زبيدة التي حفرتها السيدة زبيدة بنت جعفر بن المنصور وساقتها اثني عشر ميلاً إلى مكةالمكرمة. موضحة في سياق بحثها دور الوقف على الحرمين الشريفين في خدمة الحجاج القادمين من ديار الإسلام قاطبة وتسهيل أداء فريضة الحج أمامهم أثناء أسفارهم وإقامتهم في مكة والمدينة, ثم تحدثت عن الدور الحضاري للأوقاف في التنمية العلمية وشمول المؤسسة الوقفية رعاية المجال العلمي والثقافي بعدة دعائم منها: المدارس الوقفية وذكرت منها المدرسة النظامية التي تنسب إلى الوزير نظام لملك الحسن بن علي الطواس (457ه). والمدرسة المنتصرية التي أنشأها الخليفة العباس المتنصر بالله والمدرسة الفخرية. إلى ذلك المراكز العلمية الوقفية في مصر (الجامع الأزهر) الذي كان ولا يزال منبراً من منابر العلم في حياة المسلمين في الماضي والحاضر. انتهت الباحثة المزروع إلى أن للأوقاف أهمية خاصة بالنسبة للتعليم، فالأوقاف ثبتت أركان المدرسة ودعمت نظامها ومكانتها من القيام برسالتها، وكان ريع الأوقاف هو المصدر المالي الأساس لغالبية مدارس ومكاتب الأيتام في العصر المملوكي وبالتالي فإن الحركة العلمية إنما هي نتاج طبيعي لازدهار الأوقاف وانتشارها.