في مناسبة سابقة قلت عن مؤشرات تطور النصر أنها بدأت مع نهاية الشوط الثاني لمباراته بالأهلي في جدة التي كان متخلفا في شوطها الأول بثلاثة أهداف، وتمكن في الحصة الثانية من معادلة النتيجة بأسلوب مثير، أروع ما فيه روح الفوز، وعدم اليأس، والبحث عن التسجيل التي تطبع بها اللاعبون هذا الموسم، وأمام الشباب في الدورين كان النصر هو الأفضل أداء رغم خسارتهما اللتين جاءتا وسط ظروف صعبة، وأخطاء تحكيمية لا تغتفر. أما دربي الكرة السعودية الذي كان هلاليا سهلا خالصا على مدى سنوات طويلة فقد بدأ يعود للتوازن مع الانتصار التاريخي الذي ألحق بالهلال أول خسارة في الدوري بعد 14 جولة، وكان الفوز مقرونا بالمستوى الفني والنتيجة المثالية القابلة للزيادة. نجح الأورجواني المثير ديسلفا في إسقاط البلجيكي غريتس للمرة الثانية على التوالي؛ فبعد تفوقه الظاهر في الشوط الثاني لمباراة الدور الأول التي انتهت بالتعادل، تمكن هذه المرة من هزيمته بالضربة القاضية، والمتابع لحال النصر يدرك أن مدربه استغل الجولات الأولى في قراءة لاعبيه، ودراسة منافسيه؛ وبعد مباريات عدة أعلن عزمه على الاستغناء عن لاعبين، والاستعانة بعناصر جديدة، وفور أخذها الفرصة، والانسجام أصبح نصر اليوم مختلفا. الفوز على الهلال ليس وحده دليلاً على تفوق وتطور؛ بل هو تتويج لعمل إداري وفني مميز رائع، هذه المباراة ستمنح الفريق دفعة كبيرة لإكمال المسيرة؛ إذ معها تكسرت حواجز فوز النصر على الهلال مع الحكم الأجنبي، وكذلك في حضرة ياسر والحارثي، وتجددت الثقة بالمدرب، والحارس الشاب العنزي، واكتشف برناوي في قلب الدفاع، وأكدت حسن الاختيارات المحلية فسجل اثنان منهما هدفي الحسم. وإذا كان كثير من المحللين يختزلون فوز النصر على الرُّوح العالية؛ فإنني أؤكد أن الروح وحدها لا تكفي، ولم تكن هي وحدها التي أظهرت (العالمي) بحلته الرائعة، ولو كانت كذلك رغم أهميتها لكان كل فريق يملك لاعبوه روحا عالية منافسين على البطولات؛ لكنها العوامل المتكاملة إداريا وفنيا، مع دعم جماهيري هائل، وهو ما ترجمه اللاعبون في الميدان. باختصار اختفى فيغاروا فحضر المتألق سعد، وبرز عباس في الوقت المناسب لينتصر الفريق (الأصفر) على كل الظروف. تكامل الهلال وسط أسوأ ظروف عاشها النصر بغياب أربعة لاعبين لم تمنع التفوق المطلق مستوى ونتيجة. السهلاوي أكد أنه مهاجم متمكن، وخبرة عبدالغني والحارثي ساهمتا في حفظ توازن الفريق حتى النهاية. النصر ظهر جليا مع إشراقة العام الجديد، الذي أراه بداية عودة طال انتظارها.