قال خبراء اقتصاديون إن انخفاض إنتاج المملكة من النفط وانخفاض أسعاره ساهما بوجود العجز بالميزانية وأكدوا في حديثهم ل"الرياض" أن الضرورة تقتضي إصدار الدولة سندات حكومية لتغطية العجز وعدم استخدام الاحتياطيات. وقال الدكتور حمد التويجري أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود إن ميزانية المملكة الماضية جاءت إيراداتها أكثر مما كان مقدراً وهذا ما كان متوقعاً لأنه دائماً في تقدير الميزانية التقدير للإيرادات يكون متحفظاً حيث تم تقدير أسعار النفط بأسعار متحفظة حيث كانت الإيرادات عالية وزادت بحوالي 90 مليار ريال عن ما هو متوقع وبنسبة 23%. واشار إلى أنه كان مقدراً وجود عجز ب60 مليار ريال وكان بالإمكان أن يكون فائضاً لو استمر الإنفاق على ما هو عليه لكن أتى التوسع بالإنفاق والتزام المملكة في قمة العشرين بزيادة الإنفاق كحل لدول العالم المجتمعة لمعالجة الأزمة التي نعيشها الآن وبعض الظروف الداخلية المحلية التي أدت لزيادة الإنفاق فحدث العجز ب 40 مليار ريال. واكمل بأن هذا العجز هو أقل من العجز المتوقع لافتاً إلى أنه يلاحظ أيضاً زيادة الإيرادات وبالتالي زيادة النفقات بحوالي سبعين مليار ريال عما كان متوقعاً منوهاً إلى أن الإنفاق لا يمكن أن يكون ضرراً على الاقتصاد السعودي وإنما هو يعتبر حافزاً للاقتصاد المحلي حيث إن الاقتصاد السعودي دائماً يعتمد على الإنفاق الحكومي بعكس الاقتصاد الأمريكي الذي يعتمد على إنفاق المستهلكين. واعتبر أن الاقتصاد الحكومي هو المحرك الرئيسي للقطاعات الاقتصادية المحلية الأخرى سواء بالبنية الأساسية أو بالقطاعين الزراعي والصناعي عبر الإعانات أو الدعم الذي يقدمه الإنفاق الحكومي وهو ما انعكس إيجابياً على ميزانية العام الماضي. وتوقع الدكتور التويجري استمرار التوسع بالإنفاق مع الميزانية الجديدة يدعم ذلك إيجابياً أسعار النفط المتوقعة بحدود 50 دولاراً للبرميل مبيناً أنه إذا استمر الإنفاق بحسب ما كان مقدراً فإنه من المؤكد أن يتلاشى العجز بمشيئة الله. من جهة ثانية قال الاقتصادي الدكتور عبدالوهاب أبو داهش إن النفقات الفعلية لم تتجاوز النفقات التقديرية بالميزانية إلا بنسبة 16% وهو متوسط الإنفاق بين التقديري والفعلي وهي بحدود 60 مليار ريال سنوياً مبيناً أن العجز في الميزانية جاء إثر الانخفاض الكبير لإنتاج المملكة من النفط من أكثر من تسعة ملايين برميل إلى ثمانية ملايين برميل يومياً. واعتبر أن ذلك كفيل بحدوث عجز فعلي للميزانية إضافة إلى انخفاض أسعار النفط من أكثر من 100 دولار كمتوسط في عام 2008 م إلى مابين 50 و 60 دولارا كمتوسط في عام 2009 م وهذا ما أغفله المحللون بحسب حديثه وأردف: الملاحظ في ميزانية 2010 أن هناك إصرارا على مواصلة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والقطاعين التعليمي والصحي رغم مخاطر الظروف الاقتصادية في عام 2010 الذي أعده الدكتور أبو داهش بالعام الشبيه لعام 2009 بالنمو والاضطرابات والأزمات الاقتصادية معتبراً أن الإنفاق بميزانية 2010 كان توسعياً والذي من المفترض أن يكون متحفظا بسبب أن عام 2010 قد يكون بمستوى 2009 من ناحية النمو والمخاطر. وقال من الواضح أن الدولة تبنت أسعار النفط للميزانية الجديدة ما بين 45 إلى 50 دولارا للبرميل وهو ما سيتحقق إلا أن تبني مثل هذا الرقم بالموازنة يعتبر خارج نطاق التحفظ الذي كانت الدولة تبني أسعار النفط عليه بحسب قوله مردفاً أن الحل الأمثل للحكومة بالتعامل مع العجز هو عدم استخدام الاحتياطي وإصدار مقابل ذلك سندات حكومية معللاً ذلك أن السوق السعودي بحاجة لسوق سندات وصكوك بحجم كبير إضافة إلى أن المستثمرين دائماً يقبلون على السندات بالوضع الاقتصادي الذي يكون الغموض فيه شديداً وبالتالي فإن إصدار الدولة للسندات هو أمر مهم بسبب أنها ستجد الإقبال الكبير من قبل المستثمرين. وتابع بأن نسبة الدين من إجمالي الناتج المحلي للمملكة يتراوح مابين 13 إلى 16 % وهو ما يعتبر منخفضاً عطفاً على حاجة السوق المالية السعودية إلى إصدار سندات حكومية وهو من المفترض أن يقوم به المشرّعون بدلاً من سد العجز بسحب الاحتياطيات لافتاً إلى أن معدل الاحتياطيات يجب أن يكون كما هو بسبب التوقع باستمرار ضعف الدولار وارتفاع العوائد بالقنوات الاستثمارية الأخرى .