التجديد في الفن يعني ابتكار أساليب جديدة للتعبير عن المشاعر والأفكار, وهذا التجديد مطلوب ومحمود ويحسب لأي فنان, ولكن عندما يقدم الفنان ما يسيء للذوق تحت ذريعة التجديد فهذه كارثة يجب أن يحاسب فاعلها, وهذا ما اقترفته مغنية لبنانية مبتدئة عندما خرجت عن النص -والأخلاق وكل مواثيق الشرف الإعلامية والمهنية- في كليب أغنيتها الجديدة "العتبة قزاز" الذي عرض قبل أيام على قناة مفتوحة وعبر قمر صناعي عربي شبه رسمي!, الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن جدوى "ميثاق الشرف الإعلامي" ما دامت مثل هذه الكليبات ستعرض جهاراً نهاراً وفي قنوات مفتوحة أمام الصغير والكبير؟. قامت هذه الفنانة في كليبها هذا بأداء مشاهد طافحة بالعري!, في أحد الحمامات التركية, وقدمت إيحاءات خارجة عن حدود الذوق والأدب, لتؤكد بذلك أن موجة الفن الهابط لن تتراجع ما لم يتصدَ لها المسؤولون عن الرقابة في الإعلام العربي. فما فعلته هو استمرار ل"دُشّ" الشوكولا الذي قدمته فنانة أخرى قبل سنتين, وهو أيضاً استمرار لموجة فنانات الجسد اللواتي اعتمدن على الشكل الخارجي لتحقيق الشهرة. ويأتي الكليب الجديد كجزء من سلسلة الاستعراض الجسدي الذي لا علاقة له بالفن الحقيقي, والذي يهدف لاستقطاب المراهقين بالإغراء الرخيص, وللأسف أن فنانات هذا النوع وجدن المتابعة من شريحة من الجمهور حتى وصل الأمر إلى وضع جائزة باسم "ملكة المايوه" ليتنافسن عليها!. فنانة لبنانية أخرى قالت في وقت سابق إنها قادمة بقوة للمنافسة, والواضح أنها لا تنوي المنافسة في محتوى الأغنية وجمالياتها التعبيرية إنما في أسلوب الإغراء والتعري وإظهار المفاتن, وقد مُنعت من دخول مصر لاستغلالها التراث المصري بشكل سيئ عبر جسدها وإبراز مفاتنها. هذا غير الفنانة التونسية صاحبة "الحصان"! التي لم تكتف بالحصان بل ظهرت في أغنية أخرى بإيحاء جنسي فاضح استدعى التدخل العاجل من القائمين على الإعلام العربي.. إلا أن هذا لم يكن!. فنانات الجسد نجحن في تحويل الأغنية العربية من ثقافة الكلمة والأصالة إلى ثقافة الإيحاءات الجنسية. ومثل هذه الكليبات تسيء للثقافة العربية ولتاريخ الفن العربي المليء بالروائع التي لا تنسى, وكنا نتمنى أنها موجة وانتهت, إلا أن الكليب الجديد الذي بدأ عرضه قبل أيام وضعنا مجدداً أمام السؤال المُلح وهو إلى متى تستمر هذه الأعمال دون رادع من الجهات المسؤولة؟. لو أن هذه الكليبات تعرض في قنوات مشفرة لربما تجاوزنا عنها ولكن في قنوات مفتوحة يشاهدها الصغير والكبير فهذا أمر مرفوض وينذر بكارثة ذوقية رهيبة.. فهل يجد احتجاجنا صدى لدى المسؤولين عن القمرين العربيين "عربسات ونايل سات" بعد كل هذا الانهيار الأخلاقي؟.