سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خادم الحرمين صادق ومخلص ولا يرضى بما يخالف الضوابط الشرعية.. وجامعته لاستقطاب العقول العالمية وكيل وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور عبدالله اللحيدان ل «الرياض»:
لا يزال التحول العلمي والتقني الكبير لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية محل إشادة وتقدير على كافة الأصعدة والمستويات، امتداداً لتصريحات العديد من العلماء والمفكرين، ومن بينهم عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء، وعدد من الأكاديميين الشرعيين داخل المملكة وخارجها. وفي هذا السياق تستضيف «الرياض» وكيل وزارة الشؤون الإسلامية المساعد للشؤون الإسلامية الدكتور: عبدالله بن فهد اللحيدان، الذي نوه بالدور الكبير للجامعة معتبراً حدثها في مصاف الأحداث الأكثر أهمية في عصرنا الحاضر، مشيراً إلى أن المجتمع السعودي مجتمع محصن، وأن التخوفات المرتجلة تحمل تصورات غير صحيحة، وأن المصالح المترتبة على المنجز العلمي للجامعة كبيرة، وأنه ما من مشرع ينشأ في المملكة إلا وفق الضوابط الشرعية، وأن الأمل في الجامعة كبير وهي من دخلت عالم التقنية من حيث انتهى الآخرون، كما ناقش الضيف أهمية دور المرأة مشيداً بتكريم الإسلام لها، وأن جزءاً كبيراً من الدين وصلنا عن طريقها، وأن الجدل في الاختلاط جاء نتيجة تعميم حكمه، في حين أن منه الجائز ومنه الممنوع، موضحاً بأنه لا محذور في الاختلاط في الأماكن المفتوحة التي يطرقها الجميع فإلى تفاصيل اللقاء: * بداية كيف ترون فضيلة الدكتور جهود خادم الحرمين الشريفين في خدمة الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن؟ - الحمد لله رب العالمين، إن الخدمات التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - للمشاعر المقدسة والحرمين الشريفين تمتد لفترة طويلة، ومن أبرز ما جاء فيها عام 1417ه عندما كلفه الملك فهد - رحمه الله - بعد حريق منى الكبير بدراسة هذه المشكلة التي تكررت عدة مرات ووضع حلول نهائية لها، والحقيقة أنه - حفظه الله - استدعى عدداً من المسؤولين المعنيين، وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية في ذلك الوقت الأمير متعب، وقال: لا بد أن يوضع حل جذري ومتكامل لهذه المشكلة، وبالفعل تضافرت الجهود بقيادة خادم الحرمين الشريفين (ولي العهد آنذاك)، وحلت المشكلة بشكل جذري ونهائي، وكان الملك عبدالله حريصاً أثناء طرح الحلول أن يكون ذلك وفق ضوابط الشريعة؛ حيث كان مهتماً بالناحية الشرعية، وأن يكون الحل ضمن الضوابط الشرعية كما هي عادة حكام هذه البلاد حفظهم الله، وبالتالي استقر الأمر والرأي على بناء الخيام، وعلى نفس شكلها نزولاً على رأي علماء الشريعة من مواد جديدة غير قابلة للحريق، ومثل هذه المواد كانت مكلفة جداً، ولكن - الحمد لله - الدولة السعودية تتمتع بموارد مالية كبيرة وبالفعل نفذ المشروع - والحمد لله - خلال ثلاث سنوات، والآن استفاد الحجاج من هذا المشروع وما زالت - والحمد لله - تعطي وتستقبل الحجاج سنوياً، وقد عمل مع هذه الخيام مشروع بنية تحتية متكامل من خيام، وأنفاق، ومياه، وصرف صحي، بطريقة تتحمل ملايين البشر، بحيث لا يحصل أيُّ تراكم أو مشاكل أخرى أو ما إلى ذلك، وتم وضع بنية تحتية قوية وصلبة جداً؛ لأنه من الصعب أن تجد هذا الكم من البشر في مساحة كهذه في أي مكان من العالم، كما أنه أيضاً من الصعب أن يتم بناء هذه البنية في مكان آخر من العالم أيضاً. مدينة لا يسكنها أحد من البشر ثم خلال ثلاثة أو أربعة أيام يسكنها ثلاثة ملايين ومن الممكن أن تحدث مشاكل في المياه والصرف الصحي والاتصال والكهرباء ولكن - الحمد لله - المدينة مجهزة بكل الإمكانات ولم يحصل أي مشاكل لاحقة. وبعد ذلك بعد أن تولى الملك عبدالله مقاليد الحكم - وفقه الله- كان من أول ما أمر به تظليل الساحات المحيطة بالمسجد النبوي، وتَعْرف أنه في وقت الملك فهد رحمه الله نُفِّذَت أكبر توسعة للمسجد النبوي وهي تعادل أضعاف أضعاف المسجد الأصلي، وأيضاً هدمت كل الأحياء القديمة، وقامت عليها عمارات حديثة، وسيصبح الحرم المكي إن شاء الله كذلك من خلال توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز - أيده الله- وكان مشروع الحرم النبوي متكاملاً، ولكن الملك عبدالله أمر بتظليل الساحات المحيطة بالمسجد. وكذلك من أهم المشاريع التي قام بها خادم الحرمين الشريفين توسعة المسعى، وهو بناء جديد، وهدم الساحات الشمالية؛ ليكون هناك متسع، وتكون هناك عمائر أفضل لحجاج بيت الله الحرام. وخلال السنوات القادمة ستشهد المنطقة المركزية للحرم نقلة كبيرة جداً بإذن الله، والحق أن الملك عبدالله - حفظه الله - حريص جداً على خدمة الحرمين الشريفين وخدمة الحجاج، وهذا ليس بمستغرب على حكام المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وَهُم مَنْ سَخَّروا كل قدرات هذه الدولة لخدمة الإسلام والمسلمين· * فضيلة الشيخ، المشاريع في المشاعر وفي الحرمين الشريفين لا تتوقف فبعد توسعة المسعى سمعنا عن توسعة المطاف ومشاريع أخرى كيف ترون ذلك؟ - لا شك أنه من الضروري والمتوقع أن تتم دراسة هذه المشاريع النافعة، والآن بعد جسر الجمرات الجديد أصبحت الجموع تنهي الرمي بشكل سريع، وبالتالي سيكون هناك ضغط على منطقة الحرم، وكان الأسلوب القديم يعمل نوعاً من التفويج الإجباري للحجاج بحيث لا يتوافدون على الحرم إلا على دفعات، لكن سينتهي بمشيئة الله خلال سنوات قليلة مشروع القطار الذي ينقل الحجاج بسرعة كبيرة من عرفات إلى منى، وينقلهم إلى الحرم الذي لا بد أن يستوعب أكثر من خمسة ملايين شخص خلال اليوم الواحد، وهذا يعني أننا لا بد أن نزيد القدرة الاستيعابية في الحرم خلال الساعة الواحدة. وفي هذه البلاد بحمد الله كوادر قيادية، وهندسية، وإدارية انتبهت منذ البداية لعملية التعليم، وشباب مؤمن في ظل هذه القيادة الحكيمة يستطيع أن يحقق هذه الأمور وهذه الطموحات، والمملكة العربية السعودية لن تنفذ مشاريع إلا وفيها مصلحة ظاهرة للمسلمين تسهل عليهم حجهم، وأداء نسكهم، متوافقةً مع الشريعة، وهذا هو الشأن في كل المشاريع التي تمت في المشاعر وفي الحرمين الشريفين. * أرجو أن تحدثنا عن توصيات الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعاملين في خدمة الحجاج وأنتم تترأسون برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين· - بالنسبة للبرنامج فهو يشكل مؤتمراً مصغراً للحج؛ لأنه يضم مندوبين من كل بلاد العالم الإسلامي ودول الأقليات فكأنه عينة انتقائية، فإذا كانت منطقة منى تجمع الحجاج من كل أقطار الأرض فإن برنامج خادم الحرمين الشريفين يجمع مندوبين أو نخبة منهم بشكل مصغر؛ لكي يلتقوا في مساحة صغيرة جدا،ً وهذا البرنامج مهم جداً، ودائماً الملك عبدالله يوجه بأن تكون البرامج والخدمات التي تقدمها الدولة على أعلى وأفضل المستويات، ولا يقبل - حفظه الله - الخطأ أو التقصير في مثل هذه الأمور وهو - حفظه الله -يتابع هذه الأمور ولا يكتفي بالتقارير الصحفية أو ما إلى ذلك، بل يريد معرفة الأمور على أرض الواقع، وحرصه هذا انعكس على جميع المسؤولين في الدولة من نوابه ووزرائه ووكلاء هذه الوزارات، فكلهم جند مجندون في خدمة الإسلام والمسلمين بشكل عام· * العلاقات المتميزة بين جماعة "أنصار السنة المحمدية" وبين القيادة في المملكة العربية السعودية، وهي علاقات دعوية بحتة، هل تلمسون في الفترة الأخيرة تغيُّراً في هذه العلاقة إلى الأفضل أم إلى الجانب الآخر؟ - المملكة العربية السعودية دولة إسلامية، وأعلنت أنها تطبق الشريعة وتدعو إلى الله، وهي مع جميع الجمعيات الإسلامية التي تدعو إلى الله بحكمة وبصيرة على مستوى العالم، وتربطها بها علاقات ود؛ لأن المملكة تعتبر أن تلك المؤسسات والهيئات تنفذ أهدافاً وواجباتٍ مطلوبةً من هذه الدولة وهي الدعوة إلى الله بحكمة وبصيرة. وعندما تكون هناك جماعات تتصف بالعقيدة الإسلامية والالتزام، فإن المملكة تدعمها في كل بقاع الأرض، ما عدا الجماعات التي تسيء إلى أوطانها. والمملكة تريد أن تكون الجماعات الإسلامية عناصر بناءة للخير في مجتمعاتهم، وتسعى وتعمل في ميادين الحق والسلام، والعمل لأهداف البناء وليس للإرهاب والعنف· * كيف يتم اختيار الشخصيات القادمة للحج على نفقة الملك عبدالله والتي أعلنت أنها ألف وثلاثمائة حاج؟ وما المعايير في اختيار هذه الشخصيات؟ - هذا منظم بأوامر توضح كيفية اختيار الشخصيات التي تأتي للبرنامج، وهناك ثلاث فئات يشملها البرنامج هي أولاً: الشخصيات الإسلامية المؤثرة والمعتدلة من كل بلاد العالم، والمسلمون الجدد، وكذلك طلبة العلم الشرعي في بلاد الأقليات؛ لقناعة المملكة بأنه لا يثبت الأقليات في الدول غير الإسلامية إلا العلم الشرعي عندما ينتشر بشكل صحيح ويحافظ على الأقليات المتتالية في الدول غير الإسلامية ويحفظها من الذوبان وفقدان هويتها الإسلامية· * هل هناك من خطط للوزارة في هذا الجانب أو برامج لتطوير هذه الأعمال حتى تصبح فعلاً نواة لنخبة تمثل العالم الإسلامي في بلادها؟ - نحن في كل سنة بعد نهاية البرنامج ندرس السلبيات التي وقعت، ونحاول أن نتلافاها، ونتلقى اقتراحات لتطوير البرنامج، ونعمل على تطوير البرنامج في كل عام أو دمج برامج قديمة ببعض، هذا من الناحية العلمية والفقهية والشرعية، وأيضاً هناك ناحية الخدمات التي تشمل السكن والنقل الجوي وما إلى ذلك من الأمور التي تستغرق جزءاً من البرنامج· * ما هي المساحة الثقافية المتاحة للبرامج الثقافية في البرنامج؟ - هناك برنامج نسميه: "البرنامج العلمي"؛ حيث يقوم دعاة الوزارة الموجودون في البرنامج بتنظيم دروس القرآن الكريم والتفسير والعقيدة، وكذلك هناك برامج ثقافية تتضمن مسابقات وجوائز توزع على المتسابقين والمشاركين وهناك برامج فكرية، حيث عقدت ندوة بعنوان (دور أوروبا الشرقية في نهضة المسلمين) شارك فيها عدد من أبناء أوروبا الشرقية، بالإضافة إلى عدد من الأكاديميين من أبناء المملكة العربية السعودية· * أنتم فضيلة الشيخ من المتابعين لمجلة التوحيد، هل من كلمة توجهونها للقائمين على هذه المجلة؟ - تشرفت بأن أهدتني "مجلة التوحيد" أعدادها القديمة في مجلدات، ويصلني عددها الشهري وأتابعها، وهي مجلة ملتزمة بالأصول الشرعية في الدعوة إلى الله وفي الحوار مع الجماعات الأخرى، وصولاً إلى نشر العلم الشرعي القائم على الأصول الصحيحة من القرآن والسنة، وأنا أجدها مجلة من أفضل المجلات وأتمنى لهم دائماً كل التوفيق· * محور آخر وهو أهمية التقدم العلمي للأمة الإسلامية، ومدى حاجة الأمة إلى جامعات ومراكز بحثية ترتقي بالأمة وتجعلها في مصاف الدول المتقدمة؟ - لو رأينا في المملكة العربية السعودية قبلَ خمسين سنةً لم يكن التعليم على ما هو عليه الآن؛ نتيجة شح الموارد، وعدم وجود مدارس وجامعات، ففي البداية اهتمت المملكة بنشر التعليم ومحاربة الأمية، لتصل نسبة التعليم الآن إلى ما فوق 80% تقريباً، وبعد هذا الانتشار أصبحنا اليوم في حاجة إلى قفزة نوعية في التعليم الجامعي، وهذا تحقق في حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الأمير سلطان وسمو النائب الثاني الأمير نايف - حفظهم الله -، حيث بدأت الجامعات السعودية تأخذ مكانتها بين الجامعات العالمية، ونجد أن جامعة الملك سعود أصبحت الآن ضمن أكبر خمسمئة جامعة في العالم، وأيضاً عدد من الجامعات السعودية الأخرى سجلت تقدماً كبيراً في الترتيب، وكذلك افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وهي جامعة فريدة من نوعها، وجامعة بحثية متخصصة في الدراسات العليا، والتخصصات الدقيقة، وبالذات التي تخص المملكة العربية السعودية، مثل: تحلية المياه، والصناعات البتروكيماوية القائمة على الغاز، والعلوم الحديثة التي تهم احتياجات المملكة ثم احتياجات العالم. الجامعة مفتوحة حتى لغير المسلمين ومعايير اختيار الطالب مثل قوته في التخصص بغض النظر عن دينه أو أنه سعودي أو عربي، ومن يجتهد في العلم يصل إليه· ونحن نقرأ في التاريخ الإسلامي كثيراً من المخترعات لغير المسلمين ولكن في النهاية خدمت الدولة الإسلامية في الدفاع عن نفسها وصد الأعداء· * وكيف ترون انطلاقة جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أنشئت قبل شهرين من الآن، لتكون مركزاً بحثياً مميزاً يرتقي بالأمة الإسلامية نحو العالمية؟ - هذه الجامعة هي حلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- وقد أوضح يوم افتتاحها أنها فكرة تراوده منذ خمسة وعشرين عاماً ولعلك ترى حجم التخطيط المتميز الذي سبق إنشاؤها ثم ما تحمله من أهداف بناءة، فهذه الجامعة واحدة من أبرز الإنجازات في هذا العصر، ويقف وراء هذا المنجز الكبير خادم الحرمين الشريفين حيث وفّر لها كل الإمكانات، وصرفت مليارات الريالات من أجل إنشاء هذا المشروع العلمي الكبير، وفيها أحدث المعامل وأحدث التقنيات، وأفضل العلماء استقدموا للعمل فيها، آملين أن تتحقق الأهداف المرجوة من خلال هذه التكلفة الضخمة، وسيتحقق ذلك بمشيئة الله، ونحن نأمل من هذه الجامعة الكثير، والعلم يرفع الأمم، وفي كل الجامعات السعودية هناك مراكز متخصصة مثل تقنية (النانو)، وهي فتح عظيم في تاريخ العلم البشري، حيث بدأ يتدخل في أصغر الأشياء ويخرج بمنتجات عجيبة، وهذا الباب دخلت فيه المملكة العربية السعودية من حيث انتهى الآخرون، ونأمل من علمائنا أن يستطيعوا مسابقة الأمم المتقدمة وهذا سيكون في خدمة الإسلام والمسلمين، لأن هذه الدولة نذرت نفسها منذ وقت الملك عبدالعزيز لخدمة الإسلام والمسلمين· * لخادم الحرمين الشريفين جهود وإسهامات متواصلة للنهوض بالأمة الإسلامية نحو العالمية واستثمار المبدعين والموهوبين لخدمة الأمة، كيف ترى أثر ذلك على الأمة الإسلامية مستقبلاً؟ - هذا الاهتمام الكبير الظاهر بالتعليم العالي والبحث العلمي من المؤكد -بإذن الله- أنه سيعود بالنفع على هذه البلاد، وهذه البلاد لما اكتشف فيها البترول عادت فائدته على خدمة الحجاج وتطوير المشاعر المقدسة، وخدمة ومساعدة المسلمين في كل مكان، فهذه البلاد دائماً تسخر مواردها لخدمة الإسلام والمسلمين. والبحث العلمي إذا حقق نتائجه في المملكة العربية السعودية سيزيد هذه الدولة قوة، وقوة هذه الدولة هي قوة للدعوة· وقوة للإعلام والمسلمين في كل مكان· * ماذا يجب على علماء الشريعة والخبراء في العلوم الحديثة لدعم هذه الجامعة ومساندتها؟ - علماء الشريعة مطالبون بالكثير أعانهم الله، وهناك دائماً مستجدات وتحديات كبرى والإسلام دين صالح لكل زمان ومكان وهذا لا يتحقق إلا من خلال اجتهادات العلماء، فالحقيقة أن العلماء من خلال المجامع الفقهية عليهم دور كبير جداً في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها الأصلية وتطبيقها على الواقع، وهذا دور كبير جداً في نهضة الأمة، أما بالنسبة للخبراء في العلوم الحديثة فهؤلاء عليهم دور كبير في تسخير العلوم التي حصلوا عليها لخدمة الأمة، وأنا أعرف عدداً منهم ممن يقيم في الغرب في أوروبا وأمريكا ويتمنون العمل في البلاد الإسلامية، ومع تأسيس هذه الجامعة سيتحقق لهم ذلك بمشيئة الله، والمملكة لديها مخططات كبيرة فيما يتعلق بدعم البحث العلمي والتعليم العالي سيتحقق قريباً إن شاء الله. * كيف يتم استقطاب العقول الإسلامية المهاجرة لهذه الجامعة لتعيد للأمة مجدها التليد؟ - من المعروف أن الكثير من العلماء المسلمين الذين يعملون في أوروبا وأمريكا يتمنون العمل في البلاد الإسلامية لكنهم يظنون أن وجودهم في بلادهم بلا إمكانات لا فائدة منه، ووجودهم هناك فيه نفع أكثر، وأنا أتوقع أن هذه الجامعة ستستقطب العلماء حتى من غير المسلمين، لأن العلماء يهمهم توفر الإمكانات التي تساعدهم على تطبيق أبحاثهم والتطور فيها· ويهمهم وجود مناخات علمية للعطاء والإبداع ومعامل ومختبرات وسخاء في البذل والإنفاق على الأبحاث والدراسات، وهذا كله متوفر في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية· * كما قرأنا وعلمنا أن الملك عبدالله -حفظه الله - وفّر لهذه الجامعة كل الإمكانات اللازمة، كيف ترى ذلك ؟ - هذه الجامعة أرادها الملك عبدالله أن تكون جامعة بحثية لاستقطاب العقول في العالم كله، وبالفعل هي نجحت في استقطاب كثير من العقول والقائمين على إدارتها تم اختيارهم بعناية، والملك عبدالله هو إنسان واقعي دائماً وصادق ومخلص ويريد نتائج ملموسة، ونحن نتوقع أن نرى هذه النتائج في القريب العاجل. * هذا المشروع العلمي الكبير لم يغفل دور المرأة، بل أتاح لها فرصة العطاء والإبداع والإنتاج وخدمة المجتمع من خلاله، كيف ترى ذلك؟ - ما من شك أن المرأة شقيقة الرجل، وقد كان للمرأة في الإسلام دور في ميادين العلم وفق الضوابط الشرعية وأمامنا شواهد كثيرة لمساهمة المرأة في ميادين العلم، والنساء ساهمن ويساعدن في الأبحاث العلمية كما في الجامعات الغربية كما نرى، والمملكة تلتزم بالضوابط الشرعية، ولا يمكن أبداً أن يقبل الملك عبدالله - حفظه الله - بخلاف ذلك، ولذلك فمن يخشى كثيراً من الأشياء التي أثيرت ضد الجامعة هي جاءت في الأساس خشية أن يقع شيء من المحظور الشرعي، وأن ينتشر في المجتمع السعودي، وهذا أمر بعيد وتصور غير صحيح فالمجتمع السعودي مجتمع محصن وقوي، وأنا أعتقد أن المصالح التي سوف تتحقق من العمل والمنجز العلمي وإتاحة الفرصة للبحث والدراسة أمام الجميع هي مصالح كبيرة، كما أني أعتقد أن أي مشروع يبدأ في المملكة العربية السعودية يلتزم بالضوابط الشرعية· حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وأمده بعونه وتوفيقه وأطال عمره في طاعة الله· * كيف للمرأة أن تعطي في ميدان البحث والدراسات وكيف لها أن تخدم المجتمع في شتى المجالات؟ - المرأة تستطيع أن تخدم في شتى المجالات، وتخدم في كل الميادين، فهي منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم في العهد النبوي، ولها مساهمات في مجالات مختلفة، فقد ساهمت في الدفاع عن الأمة وفي نشر العلم ونشر الإسلام، والمرأة مساهمتها كثيرة في التاريخ الإسلامي وكان للنساء دور في طلب العلم وفي التدريس والفتيا والتفسير والرواية، وهذا لا يخفى على أحد، والإسلام هو الذي كرّم المرأة وجزء كبير من الدين وصلنا عن طريق النساء من الصحابة وأمهات المؤمنين· والمرأة لها القدرات العقلية والجسمية التي تساعدها على القيام بكل المهام· ولا يمكن التقليل من دور المرأة أو منعها من المجالات العلمية بحجة الخوف من محاذير قد لا تقع· * هناك بعض الرجال يتخوفون من مشاركة المرأة في ميدان البحث العلمي مخافة الاختلاط المنهي عنه، كيف ترى هذا الأمر؟ - هناك اختلاط مباح وهناك اختلاط محرم وهناك وسط بين الاختلاط المحرم والمباح وهنا علينا ننظر إلى المصالح والمفاسد، وأن نفرق في المسألة وألا نطلق الأحكام هكذا دون تدقيق ودون سند شرعي فمن السهل قول إن هذا الشيء محرم أو ممنوع ولكن المعول عليه دوماً هو الدليل الشرعي· * ما الفرق بين مشاركة المرأة في ميادين البحث العلمي أن تعمل مع الرجل جنباً إلى جنب وبين الخلوة الشرعية المنهي عنها مع الرجال؟ - الخلوة المحرمة أن يكون هناك رجل وامرأة أجنبية في مكان واحد مغلق عليهما، يأمنان الدخول عليهما، وهذه محرمة ولا شك في ذلك، والاختلاط المحرم إذا كان بين الرجال والنساء في مكان يثير الشهوات ويثير الفتنة ونحن نرى الاختلاط في الأسواق وفي الحرمين الشريفين وفي المحلات العامة وفي وسائل المواصلات كالطائرات مثلاً· فالاختلاط، في الأماكن العامة المفتوحة التي يطرقها الجميع لا محذور فيه والمحذور هو الاختلاط المحرم الذي أشرنا إليه فيجب ألا نعمم الأحكام· * فكرة طرحها أحد الصحفيين على الدكتور عبدالله بن فهد اللحيدان وهي أن تتبنى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف في المملكة الدعوة للمؤتمرات ومساندة الإعلام الإسلامي المقروء وتحديداً المجلات الإسلامية· هناك مؤسسات قائمة ومهتمة بهذا الشأن، وهناك جهات معنية تضطلع بهذا الدور، لعل آخرها الهيئة العالمية للإعلام التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وإن كانت وما زالت في طور التأسيس ولكن نتأمل منها الكثير· هناك تعاون بين المؤسسات الإعلامية الرسمية في العالم الإسلامي من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي، ولكن نحتاج إلى لقاءات تخصصية، وبالذات للقطاع الخاص والجمعيات الأهلية التي ترعى وسائل الإعلام، ويكون هناك أمانة عامة، وجهة مسؤولة عن متابعة تنفيذ القرارات عقب كل مؤتمر·