انهى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري امس الاحد زيارة الى سوريا وصفها ب"التاريخية"، اتفق خلالها مع الرئيس السوري بشار الأسد على "بناء المستقبل" و"فتح آفاق جديدة" بين بلديهما. وتخللت الزيارة ثلاثة لقاءات طويلة بين الرئيس السوري ورئيس الحكومة اللبناني على مدى يومين. وهي الزيارة الاولى للحريري الى العاصمة السورية بعد طول خصام على خلفية الاتهامات التي وجهها مع فريقه السياسي الى دمشق بالوقوف وراء اغتيال والده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 2005. وحرص الحريري في ختام زيارته الى العاصمة السورية على تأكيد انه جاء الى سوريا "كرئيس حكومة كل لبنان وليس كرئيس فريق سياسي"، وان "كل الافرقاء في لبنان يريدون بناء علاقات بين دولتين". في المقابل، تجاوز الجانب السوري البروتوكول مرارا للتأكيد على الاهمية التي يوليها لهذه الزيارة. وعقد الحريري قبل مغادرته دمشق مؤتمرا صحافيا في مقر السفارة اللبنانية اعلن فيه ان هذه "الزيارة التاريخية (...) ستفتح آفاقاً جديدة بين البلدين"، داعيا الى "رؤية النصف المليء من الكوب وليس النصف الفارغ". واضاف ان "المباحثات جيدة، ورهاننا على المستقبل"، معتبرا انه "كي نبني المستقبل يجب التعلم من الماضي". وقال الحريري في اول نشاط سياسي تشهده السفارة اللبنانية الحديثة في العاصمة السورية والتي تستعد للانتقال من حي ابو رمانة الى مكاتب اكثر اتساعا في حي كفرسوسة، "نريد ان نبني مستقبلا بين بلدين يفيد الشعبين والدولتين". وتابع "اقول بصراحة، نريد علاقات مميزة مع سوريا تكون مبنية على الصدق والصراحة وعلى ان نحل الامور بشكل هادىء وصريح وغير استفزازي". واكد الحريري ان المباحثات التي اجراها مع الرئيس السوري تناولت "جميع المواضيع التي تهم البلدين بشكل ايجابي"، بما فيها "ترسيم الحدود" الذي يطالب به لبنان وترفض سوريا ان يشمل مزارع شبعا الحدودية المتنازع عليها قبل انسحاب الجيش الاسرائيلي منها. واضاف انه تم التركيز على "التعاون الاقتصادي والتجاري على نطاق واسع وتحسين العلاقات بين المؤسسات والوزارات"، مشيرا الى الاتفاق على "خطوات عملية على الارض ليلمس الناس جدية العمل". واوضح الحريري ان الزيارة تندرج في اطار اللقاءات الهادفة الى اتمام مصالحات عربية بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في الكويت، وقال "لا شك ان السعودية لعبت دورا كبيرا ونحن نكمل هذه الاسس". وردا على سؤال حول المحكمة الدولية التي تنظر في جريمة اغتيال الحريري، قال: ان المباحثات لم تتطرق الى موضوع المحكمة، مشيرا الى ما سبق واكده الرئيس السوري "بان المحكمة صارت في المجتمع الدولي وهي تقوم بعملها وهذا ما نريده كلنا". وحرص المسؤولون السوريون على ابراز ما اسموه "الخروقات البروتوكولية" العديدة خلال الزيارة، بدءا من اقامة الحريري في قصر الضيافة المخصص لرؤساء البلاد والملوك. ومساء الجمعة، اصطحب الرئيس السوري بسيارته الحريري الى عشاء اقامه على شرفه في مطعم "آرت هاوس" الراقي في العاصمة السورية وحضره عدد من المسؤولين السوريين البارزين. ورغم الحشد الاعلامي الكبير الذي رافق الحريري والذي انضم اليه حشد من وسائل الاعلام العاملة في سوريا، اقتصرت المعلومات على المحادثات عن البيانات والتصريحات الرسمية، ولم يكشف عن التفاصيل. وعكست الصحف السورية الصادرة الاحد الاجواء الايجابية للمحادثات. فتحدثت صحيفة "الوطن" السورية عن "طي صفحة الماضي والتطلع نحو المستقبل". بينما عنونت صحيفة "البعث" خبرها الرئيسي على الشكل التالي "ثلاث ساعات (اللقاء الاول) صريحة وايجابية وودية.. كسرت الجليد وبدَّدت سلبيات المرحلة الماضي". في المقابل، قال مصدر في الوفد اللبناني لوكالة فرانس برس "نحن قمنا بخطوة شجاعة وهي خطوة لمصلحة البلد"، مضيفا "لم نتخل عن المبادئ التي ناضلنا من اجلها لكننا ننظر الى الامام".