فاصلة : (الرأي المسبق مزعج لأنه يستبعد كل حكم) - حكمة لاتينية - في الصين لديهم آلية جيدة لردع الإشاعات ووأدها حال ولادتها حيث تفرض بلدية شونكينغ دفع 630 دولاراً غرامة على كل من ينشر على الإنترنت "تعاليق أو ملاحظات تشهيرية أو يشن هجوم شخصيا أو يحاول الإضرار بسمعة الآخرين". ولدينا هنا نظام وقانون لتجريم الإضرار بالآخرين بالاتهامات وإساءة سمعتهم ومعاقبة المرتكبين لهذا الجرم. ولكن على المستوى الشعبي واهتمام البعض بالإشاعات خاصة ما يتداول عبر مواقع الإنترنت أو رسائل الجوال يصبح من الصعب على الشخصيات العامة محاسبة كل ما ينشر حولها. وعلى المستوى البسيط وبعيدا عن الإنترنت فهناك إشاعات تنتشر عبر ألسنة الناس وهي بنظري قاتلة لان الشخصيات العامة ربما لا يضرها كثيرا نشر الإشاعات لكن الناس البسطاء تضرهم إشاعة أو كلمات عابرة يتداولها المقربون منهم. والمشكلة في تعاملنا مع المعلومة على انها صحيحة وقد تبنى عليها أحكام وسلوكيات بينما هي غير صحيحة، والمفترض علينا قبل أن نتفاعل وننقل أي حديث يمس الآخرين أن نمرر المعلومة على عقولنا لأننا سنكتشف سذاجتها فالإشاعة غالبا ضد المنطق. ثم إن انتقال الكلام من شخص إلى آخر لا يتم بشكل آلي بل يخضع إلى مشاعر وأفكار الأشخاص، وهو ما يسمى في علم الاتصال بالترشيح اللغوي ولذلك فإن التفاصيل تسقط خلال تنقلات الحديث من فم إلى فم حتى تنتهي إلى خبر مقتضب مضافا إليه الكثير من المبالغات . من المؤسف أن البعض ما زال يعتمد في حديثه على معلومات غير صحيحة دون إدراك لخطورة تداولها على حياة الآخرين وسمعتهم . إن لم يردعنا الدين لأنْ نتثبت من الأخبار قبل تصديقها والعمل بها ، وحديث رسولنا صلى الله عليه وسلم: (بئس مطية الفتى زعموا) فما هناك من رادع أكبر .