يوم الجمعة الرابع والعشرين، آخر جمعة في شهر ذي الحجة وفي عام 1430ه، كان بلا جدال يوماً غير عادي من أيام الوطن السعيدة، يوم توحيد المشاعر وتوطيد التلاحم بين القيادة والشعب، حيث عمت الفرحة ورفرفت بيارق السعادة وشلالات السرور كافة أرجاء المملكة من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، وارتسمت الابتسامة والبهجة على وجوه المواطنين والمقيمين صغيرهم وكبيرهم، رجالهم ونسائهم، بل وحتى السعوديين المغتربين في الخارج للعمل أو الدراسة عاشوا هذه المشاعر الغامرة لرجوع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الأمير المحبوب سلطان الخير وينبوعه بعد طول غياب وبعد أن منّ الله تعالى عليه بالشفاء من المرض الذي ألمه وأتعبه، وأوجع وأقلق محبيه، مرض عانى منه فترة من الزمن تقارب العام، لكن بفضل من الله ثم بإيمان سمو الأمير العميق وتوكله على خالقه وصبره القوي ورباطة جأشه استطاع أن يتجاوز المرض في رحلته العلاجية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فمن وثق بالله أغناه، ومن توكل عليه كفاه، فهو الشافي المعافي. ولقد رافق ولازم سموه في رحلة العلاج وأشرف عليها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض أمير الوفاء الذي كعادته في الشدائد والمحن يجسد بوضوح أروع وأنقى صور الوفاء. أسأل الله العلي العظيم أن يكون ما أصاب الأمير من مرض تكفيراً وتطهيراً لسموه الكريم، وأن يجزيه على صبره خير الجزاء، ويثقل به ميزان حسناته. كما أسأله بأسمائه الحسنى أن يسبغ ويديم على سموه الصحة والعافية، ويطيل ويبارك في عمره ويحفظه، ويمده بعونه وتوفيقه ليواصل بخبراته وطاقاته وقدراته مسيرة التنمية والبناء والعطاء المتواصل في شتى المجالات لخدمة دينه ومليكه ووطننا الغالي والذود عنه. لا غرابة أن يعيش الشعب والوطن برمته هذه الأيام مشاعر عارمة من الفرح والسرور الصادق والراسخ والتعبير عنها بالاحتفالات برجوع أمير الإنسانية سلطان القلوب، يحفظه الله فهو قريب من الجميع، فقد كنا ننتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر، وكنا ونحن خارج الوطن نتابع عن كثب وبشكل متواصل حالته الصحية ونترقب بلهفة وشوق موعد رجوعه سالماً معافى، وهذا ما تحقق بالفعل في عودته الميمونة الحميدة، التي أعادت لنا ابتسامته المضيئة، فالكل يلهج لسانه بالحمد والشكر والثناء الحسن لله. فالأمير سلطان غاب عنا جسدياً وبعد جغرافياً، لكنه لم يغب عن عيوننا التي سكنها، كان ولا يزال موجوداً في قلوبنا، ويحتل مساحة شاسعة لا حدود لها من الحب والتقدير، فحبه مغروس في الوجدان. فكنا مع الأمير سلطان دعاءً وأملاً. فالمتتبع لسيرة سمو الأمير سلطان المشرقة والعطرة يجد سجله كبيراً وحافلاً بالعطاءات الوطنية والخيرية والإنسانية الجليلة المتدفقة بغزارة، فجهوده ومواقفه لا يمكن حصرها في صفحات محددة لكثرتها وتنوعها وشموليتها، فأياديه البيضاء المعطاءة ممدودة للجميع بدون تفرقة، فكم رفع سموه معاناة الكثير من اليتامى والأيامى والأرامل والثكالى والدائنين والمحتاجين والسائلين، وداوى الكثير من الجروح، وفرج الكثير من الكرب في داخل وخارج المملكة، فالكل يذكر دعمه السخي هذا العام لشعب غزة، كما أنه ساعد المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحظون باهتمام خاص من سموه من خلال مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية ومدينة سلطان للخدمات الإنسانية. كما أن للأمير سلطان مواقف رائدة ومشرفة في دعم المساجد والمراكز والمدارس الإسلامية خارج المملكة، فعلى سبيل المثال: دعم سموه أول وأكبر مركز إسلامي في العاصمة الكورية سيئول، وأنشأ على نفقة سموه مدرسة ابتدائية تحمل اسمه لتعليم أبناء الجاليات المسلمة في كوريا العلوم الشرعية واللغة العربية، بجانب دعمه للتعليم العالي في داخل وخارج المملكة من خلال رعايته للمناسبات والملتقيات العلمية التي تنظمها الجامعات، ودعمه للعديد من كراسي البحث العلمية في العديد من الجامعات السعودية، فعلى سبيل المثال لا الحصر: دعم الأمير 5 كراسي بحثية في جامعة الملك سعود لوحدها من أبرزها: جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه. ولا ينسى سموه في سفرياته خارج المملكة أبناءه المبتعثين حيث يلتقي بهم ويسمع لمطالبهم ويكرمهم بسخائه وعطائه المعهود منه، وكمثال على ذلك: قام سموه العام الماضي بتقديم هدية مادية قيمة لكل طالب مبتعث في أمريكا أدخلت البهجة في نفوس الطلاب، وشكلت حافزاً قوياً لبذل المزيد من الجهد في التحصيل الدراسي. ليس بمستغرب أن يتمتع سمو الأمير سلطان بالخصال الحميدة، لكونه نشأ وترعرع في كنف والده الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، فتربى تربية صالحة وتعلم القرآن الكريم والعلوم العربية على يد العلماء، ولقد اكتسب من ملازمته لوالده الخبرة العملية والحنكة السياسية حتى وثق به الملك عبدالعزيز وأولاه في عهده العديد من المناصب، وتحمل مسؤوليات جسيمة، ومن أبرز المناصب التي تولاها سموه (أمير الرياض، وزير الزراعة، وزير المواصلات، وزير الدفاع والطيران، نائب رئيس مجلس الوزراء، ولي العهد). كذلك قام سمو الأمير سلطان بزيارات رسمية مهمة لمختلف الدول العربية والغربية وشارك ممثلاً المملكة في مختلف المؤتمرات الاقليمية والدولية. وقد منح سمو الأمير سلطان وشاح الملك عبدالعزيز، وتلقى العديد من أوسمة الاستحقاق من الدرجة الأولى من عدة دول عربية وغربية. في الختام، وبمناسبة عودة الأمير سلطان سليماً لأرض الوطن يسرني في هذه المناسبة السعيدة أن أقدم أخلص التهاني والتبريكات لمولاي خادم الحرمين الشريفين ولسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وللأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي النبيل، سائلاً المولى القدير أن يحفظ لنا مملكتنا الغالية وقيادتنا الرشيدة والأسرة المالكة من كل مكروه، وأن يديم على الوطن عزه ورفعته ويجنبه الفتن والشرور ما ظهر منها وما بطن، اللهم وحد كلمتنا وانصرنا على أعدائنا. *الملحق الثقافي في كوريا الجنوبية