بدت محادثات مكافحة التغير المناخي على وشك الانهيار في كوبنهاغن مع تخلي الرئاسة الدنماركية للقمة عن مساعي التوصل لاتفاق تسوية قبيل آخر أيام المحاثات أمس. الخطوة الأخيرة التي أكدتها مصادر مقربة من الرئاسة تترك قادة العالم أمام مهمة تسوية سلسلة من القضايا المعقدة بأنفسهم اليوم. وقال دبلوماسي أوروبي لوكالة الأنباء الألمانية "إن عناصر الاتفاق مطروحة بالفعل..لكنها لن تنتهي بنا إلى شيء إذا لم نمتلك الآلية المناسبة". كان المفاوضون الدنماركيون يأملون في تقديم مسودة اتفاق للوفود المشاركة في القمة تضم كافة التفاصيل الرئيسية للاتفاق النهائي بحيث تشمل الدول النامية والمتقدمة صبيحة اول أمس الأربعاء. بيد أن خلافا ثار بشأن طريقة إعداد الدنمارك لنص مقترحها والدول التي تشاورت معها قوضت هذه الآمال، مع إدانة دول كبرى منها الصين للخطط الدنماركية . ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة " شينخوا" امس عن سو وي ، كبير مفاوضي الصين في القمة، القول خلال كلمة له في كوبنهاغن الأربعاء "إنها عملية متعددة الأطراف". واضاف "لا يمكنك تقديم مشروع اتفاق ، وكأنه هبط من السماء". وفي تعليق منفصل صدر امس الخميس ، وصفت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" المسودة الدنماركية بأنها " لاقيمة لها ومخلة بالنظام العام" وأضافت إن تصريحات سو تستند ل"دعم البرازيل والهند وجنوب أفريقيا وعدد آخر من دول العالم النامي". وقالت الوكالة "إن التحركات التي تقوم بها الدولة المضيفة لمحو الانجازات الراهنة أو محاولات تغيير قواعد المحادثات بالغة الضرر". من جهتها شددت ألمانيا على وجود فرص لنجاح القمة العالمية للمناخ المنعقدة حاليا في كوبنهاغن رغم عرقلة المفاوضات بشكل ينذر بفشل التوصل لاتفاقية شاملة لحماية المناخ. واعترف وزير البية الألماني نوربرت روتجن في برلين امس بوجود "موقف متأزم بالنسبة للمفاوضات"، بيد أنه قال في الوقت نفسه "ولكن امكانية التوصل إلى قرار مباشر نحتاجه لا تزال قائمة". وقال روتجن إن جميع الأجزاء المطلوبة للتوصل إلى حل موجودة على الطاولة وأضاف "نحتاج إلى العزيمة السياسية من أجل تركيب الأجزاء المتفرقة للوصول إلى الصورة الكاملة، وهو أمر ممكن". وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذرت في وقت سابق من يوم امس من فشل قمة كوبنهاغن. وقالت ميركل أمام البرلمان الألماني امس قبيل مغادرتها إلى العاصمة الدنماركية كوبنهاغن للمشاركة في القمة "إذا لم نتخذ القرارات الضرورية الآن، فإننا نخاطر بالتعرض لخسائر فادحة، وهو أمر سيضر بالدول الأكثر فقرا، ولكن لا أحد سينجو منه". اما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فقد رفض الاربعاء "التفكير بفشل" في مؤتمر الاممالمتحدة حول المناخ الذي ينتهي اليوم في كوبنهاغن معتبرا ان الفشل سيكون "كارثيا" وان الدولة التي ستجازف وتتسبب به ستجد نفسها "معزولة". وردا على سؤال لمحطة التفلزيون الفرنسية "كنال" عشية توجهه الى العاصمة الدنماركية للمشاركة في الاعمال الختامية للمؤتمر، قال ساركوزي "لا افكر بفشل لان الفشل سيكون كارثيا اذ ان وقتا طويلا سينقضي قبل ان نتمكن من جمع 110 رؤساء دول وحكومات مجددا في نفس العاصمة ولنفس المسألة". واضاف "الدولة التي ستجازف وتكسر هذا الاتفاق الدولي، هذه الدولة سوف تكون معزولة وستقع عليها مسؤولية تاريخية لن يكون بامكانها تحملها"، مؤكدا "اتوجه الى كوبنهاغن وانا حريص على تحقيق نجاح". اما الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد فقد دعا امس بار "الملوثين" للبيئة في العالم إلى الوفاء بالتزاماتهم الدولية. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن أحمدي نجاد قوله امس قبيل توجهه إلى كوبنهاغن لحضور قمة المناخ، أنه يأمل في أن تفي الدول "التي لها الحصة الأكبر في تدمير البيئة بالتزاماتها الدولية وان تعمل بهذه الالتزامات للحد من هذا التدمير". وقال ان ايران ستقدم في مؤتمر وبنهاغن، مقترحات للسيطرة على ارتفاع درجة حرارة الأرض. وأضاف "نأمل بالتوصل إلى نتائج جيدة". من جانبه ذكر رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج امس أن الهند مستعدة لبذل المزيد فيما يتعلق بتقليص انبعاثات الكربون شريطة أن يكون هناك ترتيبات موثوق بها للدعم المالي من الدول المتقدمة. وقال سينج مؤكدا موقف الهند بأن أي اتفاق جديد بشأن التغير المناخي يتعين أن يستند إلى العدالة والمسؤوليات المشتركة والمتباينة في الوقت نفسه والإمكانيات الخاصة بكل دولة إن الهند ملتزمة بالعمل مع باقي دول العالم لحماية البيئة. وفي هذا السياق أعلنت اليابان عزمها رفع حجم التزاماتها من المساعدات المناخية إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة وحتى عام 2012 من أجل مساعدة الدول النامية في مكافحة التغيرات المناخية. وأعلن وزير البيئة ساكيهيتو أوزاوا الذي يشارك في مؤتمر المناخ الذي تستضيفه كوبنهاغن عن حزمة المساعدات الأربعاء وقال إنها ستشتمل على 11 مليار دولار في صورة أموال عامة والباقي من القطاع الخاص. ونقلت صحيفة "ماينيشي" اليومية عن أوزاوا قوله إنه مع استمرار التضارب في الاراء بين الدول النامية والدول الاكثر ثراء في العالم فإن المؤتمر تميز "بأقصى قدر من الجدية". من جانبها اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون امس في كوبنهاغن ان الولاياتالمتحدة "ستساهم" في مساعدة اجمالية بقيمة مئة مليار دولار سنويا حتى 2020 لمكافحة الاحتباس الحراري، في اطار اتفاق يشمل الاقتصاديات الكبرى. واعلنت كلينتون امام الصحافيين "في اطار اتفاق تتعهد فيه كل الاقتصاديات الرئيسية باعمال ملموسة للحد من انبعاث غازات الدفيئة وتقدم كل الشفافية الضرورية حول تطبيقها، فان الولاياتالمتحدة على استعداد للاسهام مع غيرها من الدول لجمع مئة مليار دولار سنويا من الان وحتى 2020" لمكافحة الاحتباس الحراري.